المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (53)

وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 53 )

قوله تعالى : { وإذ آتينا موسى الكتاب } ، { إذ } عطف على ما ذكر من النعم ، و { الكتاب } هو التوراة بإجماع من المتأولين .

واختلف في { الفرقان } هنا فقال الزجاج وغيره هو التوراة أيضاً كرر المعنى لاختلاف اللفظ ، ولأنه زاد معنى التفرقة بين الحق والباطل ، ولفظة الكتاب لا تعطي ذلك( {[605]} ) .

وقال آخرون : { الكتاب } التوراة ، و { الفرقان } سائر الآيات التي أوتي موسى صلى الله عليه وسلم ، لأنها فرقت بين الحق والباطل .

وقال آخرون : { الفرقان } : النصر الذي فرق بين حالهم وحال آل فرعون بالنجاة والغرق .

وقال ابن زيد : «الفرقان انفراق البحر له حتى صار فرقاً » .

وقال الفراء وقطرب : معنى هذه الآية : آتينا موسى الكتاب ومحمداً الفرقان .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا ضعيف( {[606]} ) .

و { لعلكم تهتدون } ترج وتوقع مثل الأول( {[607]} ) .


[605]:- هذا هو الحق الظاهر لقوله تعالى: [ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين] وما قاله ابن زيد ضعيف لأن فرق البحر سبق في قوله تعالى: [وإذ فرقنا بكم البحر] الآية.
[606]:- أي لأنه دليل على المحذوف، ولأن الأصل في العطف المشاركة في الحكم إذا كان العطف بالحروف المشاركة، ولأن الفرقان لا يختص بالقرآن.
[607]:- المقرر عند النحاة أنه إن كان متعلق لعل محبوبا كانت للترجي، وإن كان مكروها كانت للتوقع، والشكر والهداية هنا من الأمور المحبوبة، فينبغي أن يعبر هنا بالترجي. قاله أبو (ح). "البحر المحيط" 1/203.