التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (53)

قوله تعالى : ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ) إذ تفيد الظرفية الزمانية للماضي وآتينا بمعنى أعطينا فقد أعطى الله كليمه موسى الكتاب والفرقان ، أما الكتاب فهو التوراة بغير خلاف ، لكن الإشكال في المقصود بالفرقان . فقد ورد في ذلك أقوال كثيرة تتراوح بين التوسط والبعد ، لكننا نقتضب من بين ذلك أقوالا ثلاثة في المقصود بالفرقان وهي :

القول الأول : إن الفرقان هو نفسه الكتاب وقد جيء به بعد الكتاب على سبيل التأكيد .

القول الثاني : معنى الفرقان هنا الفرج والمخرج ، وذلك ما كتبه الله لبني إسرائيل بعد أن كانوا مقهورين أذلة تحت نير فرعون ، ويعزز هذا القول الآية الكريمة : ( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) والمقصود به هنا انفراج الكرب والخروج من العسر والضيق .

القول الثالث : إنه بمعنى التفريق بين الحق والباطل ، أي أن موسى قد أوتي التوراة وكذلك أوتي من الله علما يفرق به بين الحق والباطل وذلك هو الفرقان ، وهو ما نميل إليه ونرجحه والله أعلم .

قوله : ( لعلكم تهتدون ) كاف المخاطب في محل نصب اسم لعل ، والميم للحمع والجملة الفعلية المكونة من الفعل وواو الجماعة الفاعل في محل رفع خبر ، وقد أنزل الله على بني إسرائيل كتابه التوراة فيه هداية لهم ونور لينجوا من الضلالة ويتجنبوا السقوط في براثن الشر بكل أشكاله .