تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَإِذۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡفُرۡقَانَ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (53)

وقوله : { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ } يعني : التوراة { وَالْفُرْقَانَ } وهو ما يَفْرق بين الحق والباطل ، والهدى والضلال { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وكان ذلك - أيضا - بعد خروجهم من البحر ، كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف . ولقوله{[1740]} تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 43 ] .

وقيل : الواو زائدة ، والمعنى : ولقد آتينا موسى الكتاب والفرقان وهذا غريب ، وقيل : عطف عليه وإن كان المعنى واحدًا ، كما في قول الشاعر :

وقدمت الأديم لراهشيه *** فألفى قولها كذبًا ومينا

وقال الآخر :

ألا حبذا هند وأرض بها هند *** وهند أتى من دونها النأي والبعد .

فالكذب هو المين ، والنأي : هو البعد . وقال عنترة :

حييت من طلل تقادم عهده *** أقوى وأقفر بعد أم الهيثم

فعطف الإقفار على الإقواء وهو هو .


[1740]:في جـ: " "وكقوله".