قوله تعالى : " وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان " " إذا " اسم للوقت الماضي و " إذا " اسم للوقت المستقبل و " آتينا " أعطينا وقد تقدم جميع هذا{[759]} والكتاب : التوراة بإجماع من المتأولين ، واختلف في الفرقان فقال الفراء وقطرب : المعنى آتينا موسى التوراة ومحمدا عليه السلام الفرقان . قال النحاس : هذا خطأ في الإعراب والمعنى : أما الإعراب فإن المعطوف على الشيء مثله وعلى هذا القول يكون المعطوف على الشيء خلافه ، وأما المعنى فقد قال تعالى " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان " قال أبو إسحاق الزجاج : يكون الفرقان هو الكتاب أعيد ذكره باسمين تأكيدا ، وحكي عن الفراء ومنه قول الشاعر :
وقَدَّمَتِ{[760]} الأديمَ لِرَاهِشَيْهِ *** وألفى قولَها كَذِباً ومَيْنَا
وقال آخر{[761]} :
ألا حبذا هند وأرض بها هند *** وهند أتى من دونها النأيُ والبعد
فنسق البعد على النأي ، والمين على الكذب ؛ لاختلاف اللفظين تأكيدا . ومنه قول عنترة :
حييت من طلل تقادم عهده *** أقوى وأقفر بعد أم الهيثم
قال النحاس : وهذا إنما يجيء في الشعر وأحسن ما قيل في هذا قول مجاهد : فرقا بين الحق والباطل أي الذي علمه إياه . وقال ابن زيد : الفرقان انفراق البحر له حتى صار فرقا ، فعبروا وقيل : الفرقان الفرج من الكرب ؛ لأنهم كانوا مستعبدين مع القبط ، ومنه قوله تعالى " إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا " [ الأنفال : 29 ] أي فرجا ومخرجا وقيل : إنه الحجة والبيان قاله ابن بحر . وقيل الواو صلة والمعنى آتينا موسى الكتاب الفرقان ، والواو قد تزاد في النعوت كقولهم : فلان حسن وطويل وأنشد :
إلى الملك القَرْمِ وابنِ الهُمَام *** وليثِ الكتيبة في المزدَحَمْ
أراد إلى الملك القرم بن الهمام ليث الكتيبة ، ودليل هذا التأويل قوله عز وجل : " ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء{[762]} " [ الأنعام : 154 ] أي بين الحرام والحلال والكفر والإيمان والوعد والوعيد وغير ذلك . وقيل : الفرقان الفرق بينهم وبين قوم فرعون ، أنجى هؤلاء وأغرق أولئك . ونظيره : " يوم الفرقان " فقيل : يعني به يوم بدر نصر الله فيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهلك أبا جهل وأصحابه .
قوله تعالى : " لعلكم تهتدون " لكي تهتدوا من الضلالة وقد تقدم{[763]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.