قوله تعالى : { سل بني إسرائيل } . أي سل يا محمد يهود المدينة .
قوله تعالى : { كم آتيناهم } . أعطينا آباءهم وأسلافهم .
قوله تعالى : { من آية بينة } . قرأ أهل الحجاز وقتيبة ، بتشديد الياء والباء والباقون بتشديد الياء . دلالة واضحة على نبوة موسى عليه السلام ، مثل العصا واليد البيضاء ، وفلق البحر وغيرها . وقيل : معناها الدلالات التي آتاهم في التوراة والإنجيل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
قوله تعالى : { ومن يبدل } . يعني يغير . كتاب الله ، وقيل : عهد الله وقيل : من ينكر الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
يقول تعالى مُخْبرًا عن بني إسرائيل : كم قد شاهدوا مع موسى { مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ } أي : حجة قاطعة على صدقه فيما جاءهم به ، كَيَدهِ وعصاه وفَلْقه البحر وضَرْبه الحجر ، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر ، ومن إنزال المَنّ والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار ، وصدق من جرت هذه الخوارق على يَدَيه ، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها ، وبَدلوا نعمة الله [ كفرًا ]{[3731]} أي : استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها ، والإعراض عنها . { وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } كما قال إخبارًا عن كفار قريش : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ } [ إبراهيم : 28 ، 29 ] .
سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( 211 )
وقوله تعالى : { سل بني إسرائيل } الآية ، الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه إباحة السؤال لمن شاء من أمته( {[1962]} ) ، ومعنى الآية توبيخهم على عنادهم بعد الآيات البينة . وقرأ أبو عمرو في رواية عباس عنه «اسأل » على الأصل( {[1963]} ) ، وقرأ قوم «اسل » على نقل الحركة إلى السين وترك الاعتداد بذلك في إبقاء ألف الوصل على لغة من قال الحمر( {[1964]} ) ، ومن قرأ «سل » فإنه أزال ألف الوصل حين نقل واستغنى عنها .
و { كم } في موضع نصب إما بفعل مضمر بعدها( {[1965]} ) لأن لها صدر الكلام ، تقديره كم آتينا ( آتيناهم ) ، وإما ب { آتيناهم } . وقوله : { من آية } هو على التقدير الأول مفعول ثان ل { آتيناهم } ، وعلى الثاني في موضع التمييز . ويصح أن تكون { كم } في موضع رفع بالابتداء والخبر في { آتيناهم } . ويصير فيه عائد على { كم } تقديره كم آتيناهموه ، والمراد بالآية : كم جاءهم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم من آية معرفة به دالة عليه ، و { نعمة الله } لفظ عام لجميع أنعامه( {[1966]} ) ، ولكن يقوي من حال النبي معهم أن المشار إليه هنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فالمعنى : ومن يبدل من بني إسرائيل صفة نعمة الله ، ثم جاء اللفظ منسحباً على كل مبدل نعمة لله تعالى .
وقال الطبري : «النعمة هنا الإسلام » ، وهذا قريب من الأول( {[1967]} ) ، ويدخل في اللفظ أيضاً كفار قريش الذين بعث محمد منهم نعمة عليهم ، فبدلوا قبولها والشكر عليها كفراً ، والتوراة أيضاً نعمة على بني إسرائيل أرشدتهم وهدتهم ، فبدلوها بالتحريف لها وجحد أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وقوله تعالى : { فإن الله شديد العقاب } خبر يقتضي ويتضمن الوعيد ، و { العقاب } مأخوذ من العقب ، كأن المعاقب يمشي بالمجازاة له في آثار عقبه ، ومنه عقبة الراكب وعقبة القدر( {[1968]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.