الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{سَلۡ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ كَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّنۡ ءَايَةِۭ بَيِّنَةٖۗ وَمَن يُبَدِّلۡ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (211)

{ سَلْ } أمر للرسول عليه الصلاة والسلام أو لكل أحد ، وهذا السؤال سؤال تقريع كما تسأل الكفرة يوم القيامة { كَمْ آتيناهم مّنْ آيَةٍ بَيّنَةٍ } على أيدي أنبيائهم وهي معجزاتهم ، أو من آية في الكتب شاهدة على صحة دين الإسلام ، و { نِعْمَةَ اللَّهِ } آياته ، وهي أجل نعمة من الله ، لأنها أسباب الهدى والنجاة من الضلالة . وتبديلهم إياها : أن الله أظهرها لتكون أسباب هداهم ، فجعلوها أسباب ضلالتهم ، كقوله : { فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 125 ] أو حرفوا آيات الكتب الدالة على دين محمد صلى الله عليه وسلم .

فإن قلت : كم استفهامية أم خبرية ؟ قلت : تحتمل الأمرين . ومعنى الاستفهام فيها للتقرير .

فإن قلت : ما معنى { مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ } . قلت : معناه من بعد ما تمكن من معرفتها أو عرفها ، كقوله : { ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه } [ البقرة : 75 ] ؟ لأنه إذا لم يتمكن من معرفتها أو لم يعرفها ، فكأنها غائبة عنه : وقرىء { وَمَن يُبَدِلْ } بالتخفيف .