فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{سَلۡ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ كَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّنۡ ءَايَةِۭ بَيِّنَةٖۗ وَمَن يُبَدِّلۡ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (211)

المأمور بالسؤال لبني إسرائيل هو النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويجوز أن يكون هو كل فرد من السائلين ، وهو سؤال تقريع وتوبيخ . و { كَمْ } في محل نصب بالفعل المذكور بعدها على أنها مفعول بآتي ، ويجوز أن ينتصب بفعل مقدّر دلّ عليه المذكور . أي : كم آتينا آتيناهم ، وقُدِّر متأخراً ؛ لأن لها صدر الكلام ، وهي إما استفهامية للتقرير ، أو خبرية للتكثير . و { منْ ءَايَةٍ } في موضع نصب على التمييز ، وهي البراهين التي جاء بها أنبياؤهم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : المراد بذلك الآيات التي جاء بها موسى ، وهي التسع . والمراد بالنعمة هنا : ما جاءهم من الآيات . وقال ابن جرير الطبري : النعمة هنا الإسلام ، والظاهر دخول كل نعمة أنعم الله بها على عبد من عباده كائناً من كان ، فوقع منه التبديل لها ، وعدم القيام بشكرها ، ولا ينافي ذلك كون السياق في بني إسرائيل ، أو كونهم السبب في النزول لما تقرر من أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وفي قوله : { فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب } من الترهيب ، والتخويف ما لا يقادر قدره .

/خ213