قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } يعني : كفار مكة لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا : لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم ، وأقسموا بالله وقالوا لو أتانا رسول لنكونن أهدى ديناً منهم ، وذلك قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بعث محمد كذبوه ، فأنزل الله عز وجل : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } { لئن جاءهم نذير } رسول ، { ليكونن أهدى من إحدى الأمم } يعني : من اليهود والنصارى ، { فلما جاءهم نذير } محمد صلى الله عليه وسلم ، { ما زادهم إلا نفورا } أي : ما زادهم مجيئه إلا تباعداً عن الهدى .
يخبر تعالى عن قريش والعرب أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، قبل إرسال الرسول إليهم : { لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ } أي : من جميع الأمم الذين أرسل إليهم الرسل . قاله الضحاك وغيره ، كقوله تعالى : { أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا } [ الأنعام : 156 ، 157 ] ، {[24631]} وكقوله تعالى : { وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الأوَّلِينَ لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [ الصافات : 167 - 170 ] .
قال الله تعالى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ } - وهو : محمد صلى الله عليه وسلم - بما أنزل معه من الكتاب العظيم ، وهو القرآن المبين ، { مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا } ، أي : ما ازدادوا{[24632]} إلا كفرًا إلى كفرهم .
الضمير في قوله { أقسموا } لكفار قريش ، وذلك أنه روي أن كفار قريش كانت قبل الإسلام تأخذ على اليهود والنصارى في تكذيب بعضهم بعضاً وتقول لو جاءنا نحن رسول لكنا أهدى من هؤلاء وهؤلاء ، و { جهد أيمانهم } منصوب على المصدر ، أي بغاية اجتهادهم ، و { إحدى الأمم } يريد اليهود والنصارى ، و «النفور » البعد عن الشيء والفزع منه والاستبشاع له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.