تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ لَّيَكُونُنَّ أَهۡدَىٰ مِنۡ إِحۡدَى ٱلۡأُمَمِۖ فَلَمَّا جَآءَهُمۡ نَذِيرٞ مَّا زَادَهُمۡ إِلَّا نُفُورًا} (42)

الآية 42 وقوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } هو قسمهم بالله ، ومعناه ، والله أعلم : أن العرب كان من عادتهم أنهم كانوا يحلفون بالآباء والطواغيت ، لا يحلفون بالله إلا في ما عظُم أمره ، وجل قدره ، تأكيدا لذلك كان قسمهم بالله جهد إيمانهم في ما تقدم .

وقوله تعالى : { لئن جاءهم نذير } قيل : رسول { ليكونن أهدى من إحدى الأمم } فيه دلالة أنهم قد وقعت لهم الحاجة ، ومسّتهم الضرورة إلى رسول ، يبين لهم أمر الدين وما مصالحهم ؟ وما لهم ؟ وما عليهم ؟ حين{[17345]} أقسموا ، وعاهدوه أنهم لو جاءهم نذير لاتبعوه ، واقتدوا به . ثم تركهم لذلك العهد لما لم يروه أهلا لذلك ، لما كان هو دونهم في أمر الدنيا ، استكبارا منهم عليه ، ولذلك قالوا : { لولا نُزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } [ الزخرف : 31 ] . وإن تركوا اتباعهم ، نقضوا عهدهم لمّا رأوا مذاهب الناس مختلفة ، فظنوا أن الاختلاف يرفع من بينهم به . فإن لم يرتفع تركوا اتباعه ، أو لمعنى آخر لا نعلمه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم } قال بعضهم : يعنون اليهود والنصارى .

وجائز أن يكونوا أرادوا بذلك الأمم جميعا ، لكنهم لم يروا الحق إلا لواحدة منها ، فقالوا : { ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم } والله أعلم .


[17345]:في الأصل وم: حيث.