معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

واستوثق ليوسف ملك مصر ، أي : اجتمع ، فأقام فيهم العدل ، وأحبه الرجال والنساء ، { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } ، يعني : أرض مصر ملكناه ، { يتبوأ منها } ، أي : ينزل { حيث يشاء } ويصنع فيها ما يشاء . قرأ ابن كثير : { نشاء } بالنون ردا على قوله : { مكنا } وقرأ الآخرون بالياء ردا على قوله { يتبوأ } . { نصيب برحمتنا من نشاء } ، أي : بنعمتنا ، { ولا نضيع أجر المحسنين } ، قال ابن عباس ووهب : يعني الصابرين . قال مجاهد وغيره : فلم يزل يوسف عليه السلام يدعو الملك إلى الإسلام ويتلطف له حتى أسلم الملك وكثير من الناس . فهذا في الدنيا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

يقول تعالى : { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ } أي : أرض مصر ، { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ } قال السُّدِّي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يتصرف فيها كيف يشاء . وقال ابن جرير : يتخذ منها منزلا حيث يشاء{[15215]} بعد الضيق والحبس والإسار .

{ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } أي : وما أضعنا صبر يوسف على أذى إخوته ، وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز ؛ فلهذا أعقبه الله عز وجل السلامة والنصر والتأييد ، { وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } .

/خ57


[15215]:- في ت : "شاء".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

{ وكذلك مكّنا ليوسف في الأرض } في أرض مصر . { يتبوأ منها حيث يشاء } ينزل من بلادها حيث يهوى وقرأ ابن كثير " نشاء " بالنون . { نصيب برحمتنا من نشاء } في الدنيا والآخرة . { ولا نضيع أجر المحسنين } بل نوفي أجورهم عاجلا وآجلا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

تقدم تفسير آية { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } آنفاً .

والتبوؤ : اتخاذ مكان للبوء ، أي الرجوع ، فمعنى التبوؤ النزول والإقامة . وتقدم في قوله تعالى : { أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا } في [ سورة يونس : 87 ] .

وقوله : { يتبوأ منها حيث يشاء } كناية عن تصرفه في جميع مملكة مصر فهو عند حلوله بمكان من المملكة لو شاء أن يحل بغيره لفعل ، فجملة { يتبوأ } يجوز أن تكون حالاً من { يوسف } ، ويجوز أن تكون بياناً لجملة { مكنا ليوسف في الأرض } .

وقرأ الجمهور { حيث يشاء } بياء الغيبة وقرأ ابن كثير { حيث نشاء } بنون العظمة ، أي حيث يشاء الله ، أي حيث نأمره أو نلهمه . والمعنى متحد لأنه لا يشاء إلا ما شاءه الله .

وجملة { نصيب برحمتنا من نشاء } إلى آخرها تذييل لمناسبة عمومه لخصوص ما أصاب يوسف عليه السلام من الرحمة في أحواله في الدنيا وما كان له من مواقف الإحسان التي كان ما أعطيه من النعم وشرف المنزلة جزاء لها في الدنيا ، لأن الله لا يضيع أجر المحسنين .