الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

قوله تعالى : { لِيُوسُفَ } : يجوز في هذه اللامِ أنْ تكونَ متعلقةً ب { مَكَّنَّا } على أن يكون مفعولُ { مَكَّنَّا } محذوفاً تقديره : مَكَّنَّا لِيوسفَ الأمورَ ، أو على أن يكونَ المفعولُ به " حيث " كما سيأتي . ويجوز أن تكونَ زائدةً عند مَنْ يرى ذلك ، وقد تقدم أنَّ الجمهورَ يَأْبَوْن ذلك إلا في موضعين .

قوله : { يَتَبَوَّأُ } جملةٌ حاليةٌ من " يوسف " . و " منها " يجوز أنْ تتعلَّق ب " يَتَبوَّأ " . وأجاز أبو البقاء أَنْ تتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها حالٌ مِنْ " حيث " .

و " حيث " يجوزُ أن يكونَ ظرفاً ل " يَتَبَوَّأ " ، ويجوز أنْ يكونَ مفعولاً به وقد تقدَّم تحقيقُه في الأنعام .

وقرأ ابن كثير { نَشَاء } بالنون على أنها نونُ العظمةِ للَّه تعالى . وجَوَّز أبو البقاء أن يكونَ الفاعلُ ضميرَ يوسف قال : " لأنَّ مشيئته مِنْ مشيئة اللَّه " وفيه نظرٌ لأنَّ نَظْم الكلامِ يَأْباه . والباقون بالياء على أنه ضمير يوسف . ولا خلاف في قول { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ } أنها بالنون . وجَوَّز الشيخ أن يكونَ الفاعلُ في قراءة الياء ضميرَ اللَّهِ تعالى ، ويكون التفاتاً .