الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } قال : ملكناه فيما يكون فيها { حيث يشاء } من تلك الدنيا ، يصنع - فيها ما يشاء ، فوّضت إليه . قال : لو شاء أن يجعل فرعون من تحت يده ، ويجعله من فوق لفعل .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الفضيل بن عياض - رضي الله عنه - قال : وقفت امرأة العزيز على ظهر الطريق حتى مر يوسف عليه السلام فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته ، وجعل الملوك عبيداً بمعصيته .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن إسحق - رضي الله عنه - قال : ذكروا أن أطيفر هلك في تلك الليالي ، وأن الملك الريان زوّج يوسف عليه السلام امرأته راعيل ، فقال لها حين أدخلت عليه : أليس هذا خيراً مما كنت تريدين ؟ فقالت : أيها الصديق ، لا تلمني . فإني كنت امرأة كما ترى حسناء جملاء ، ناعمة في ملك ودنيا ، وكان صاحبي لا يأتي النساء ، وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك ، فغلبتني نفسي على ما رأيت ، فيزعمون أنه وجدها عذراء ، فأصابها فولدت له رجلين .

وأخرج أبو الشيخ عن عبد العزيز بن منبه ، عن أبيه قال : تعرضت امرأة العزيز ليوسف عليه السلام في الطريق حتى مر بها ، فقالت : الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيته عبيداً ، وجعل العبيد بطاعته ملوكاً ، فعرفها فتزوجها فوجدها بكراً ، وكان صاحبها من قبل لا يأتي النساء .

وأخرج الحكيم الترمذي ، عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : أصابت امرأة العزيز حاجة فقيل لها : لو أتيت يوسف بن يعقوب فسألته ، فاستشارت الناس في ذلك فقالوا : لا تفعلي ، فإنا نخاف عليك . قالت : كلا ، إني لا أخاف ممن يخاف الله . فدخلت عليه فرأته في ملكه ، فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكاً بطاعته ، ثم نظرت إلى نفسها فقالت : الحمد لله الذي جعل الملوك عبيداً بمعصيته ، فقضى لها جميع حوائجها ، ثم تزوجها فوجدها بكراً فقال لها : أليس هذا أجمل مما أردت ؟ قالت : يا نبي الله ، إني ابتليت فيك بأربع : كنت أجمل الناس كلهم ، وكنت أنا أجمل أهل زماني ، وكنت بكراً ، وكان زوجي عنيناً .

وأخرج أبو الشيخ ، عن زيد بن أسلم - رضي الله عنه - أن يوسف عليه السلام ، تزوج امرأة العزيز فوجدها بكراً ، وكان زوجها عنيناً .

وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا في الفرج ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « اطلبوا الخير دهركم كله ، وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم » .