معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

قوله تعالى : { وإذا بدلنا آية مكان آية } ، يعني : وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكماً آخر ، { والله أعلم بما ينزل } ، أعلم بما هو أصلح لخلقه فيما يغير ويبدل من أحكامه ، { قالوا إنما أنت } ، يا محمد ، { مفتر } ، مختلق ، وذلك أن المشركين قالوا : إن محمداً يسخر بأصحابه ، يأمرهم اليوم بأمر ، وينهاهم عنه غداً ، ما هو إلا مفتر ، بتقوله من تلقاء نفسه . قال الله تعالى : { بل أكثرهم لا يعلمون } ، حقيقة القرآن ، وبيان الناسخ من المنسوخ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وإيقانهم ، وأنه لا يتصور منهم الإيمان ، وقد كتب عليهم الشقاوة ، وذلك أنهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا للرسول : { إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ } ، أي : كذاب ، وإنما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد .

وقال مجاهد : { بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ } ، أي : رفعناها وأثبتنا غيرها .

وقال قتادة : هو كقوله تعالى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا } [ البقرة : 106 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا بَدّلْنَآ آيَةً مّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكم أخرى ، { والله أعْلَمُ بما يُنَزّلُ } ، يقول : والله أعلم بالذي هو أصلح لخلقه فيما يبدّل ويغير من أحكامه ، { قالوا إنما أنْتَ مُفْتَرٍ } ، يقول : قال المشركون بالله المكذبو رسوله لرسوله : إنما أنت يا محمد مفتر ، أي : مكذب تخرص بتقوّل الباطل على الله . يقول الله تعالى : بل أكثر هؤلاء القائلين لك يا محمد إنما أنت مفتر جهالٌ ، بأنّ الذي تأتيهم به من عند الله ناسخه ومنسوخه ، لا يعلمون حقيقة صحته .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : { وَإذَا بَدّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ } ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { وَإذَا بَدّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ } ، رفعناها فأنزل غيرها .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { وَإذَا بَدّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ } ، قال : نسخناها ، بدّلناها ، رفعناها ، وأثبتنا غيرها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَإذَا بَدّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ } ، هو كقوله : { ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أوْ نُنْسِها } .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَإذَا بَدّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ } قالوا : إنما أنت مفتر ، تأتي بشيء وتنقضه ، فتأتي بغيره . قال : وهذا التبديل ناسخ ، ولا نبدّل آية مكان آية إلا بنسخ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

{ وإذا بدّلنا آية مكان آية } ، بالنسخ ، فجعلنا الآية الناسخة مكان المنسوخة لفظا أو حكما . { والله أعلم بما ينزّل } ، من المصالح ، فلعل ما يكون مصلحة في وقت يصير مفسدة بعده فينسخه ، وما لا يكون مصلحة حينئذ يكون مصلحة الآن فيثبته مكانه . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : " ينزل " ، بالتخفيف . { قالوا } ، أي : الكفرة . { إنما أنت مُفترٍ } ، متقول على الله ، تأمر بشيء ثم يبدو لك فتنهى عنه ، وجواب { إذا } : { والله أعلم بما ينزل } ، اعتراض لتوبيخ الكفار على قولهم ، والتنبيه على فساد سندهم ، ويجوز أن يكون حالا . { بل أكثرهم لا يعلمون } حكمة الأحكام ، ولا يميزون الخطأ من الصواب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

وقوله : { وإذا بدلنا آية مكان آية } ، كان كفار مكة إذا نسخ الله لفظ آية بلفظ أخرى ومعناها وإن بقي لفظها ؛ لأن هذا كله يقع عليه التبديل ، يقولون : لو كان هذا من عند الله لم يتبدل ، وإنما هو من افتراء محمد ، فهو يرجع من خطأ يبدلونه إلى صواب يراه بعد ، فأخبر الله عز وجل أنه أعلم بما يصلح للعباد برهة من الدهر ، ثم ما يصلح لهم بعد ذلك ، وأنهم لا يعلمون هذا .

وقرأ الجمهور : «ينَزّل » : بفتح النون وشد الزاي ، وقرأ أبو عمرو : بسكون النون وتخفيف الزاي ، وعبّر ب «الأكثر » ، مراعاة لما كان عند قليل منهم من توقف وقلة مبالغة في التكذيب والظن ، ويحتمل أن يكون هذا اللفظ قرر على قليل منهم أنهم يعلمون ويكفرون تمرداً وعناداً .