فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ } هذا شروع منه سبحانه في حكاية شبه كفرية ودفعها . ومعنى التبديل : رفع الشيء مع وضع غيره مكانه . وتبديل الآية رفعها بأخرى غيرها ، وهو نسخها بآية سواها . وقد تقدّم الكلام في النسخ في البقرة { قَالُوا } أي : كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ { إِنَّمَا أَنتَ } يا محمد { مُفْتَرٍ } أي : كاذب مختلق على الله ، متقوّل عليه بما لم يقل ، حيث تزعم أنه أمرك بشيء . ثم تزعم أنه أمرك بخلافه ، فردّ الله سبحانه عليهم بما يفيد جهلهم ، فقال : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } شيئاً من العلم أصلاً ، أو لا يعلمون بالحكمة في النسخ ، فإنه مبنيّ على المصالح التي يعلمها الله سبحانه ، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ، ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع غيره ، ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة ، لعرفوا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق واللطف .

/خ105