تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (101)

الآية 101 : وقوله تعالى : { وإذا بدلنا آية مكان آية } الآية تحتمل وجهين :

أحدهما : ما قاله أهل التأويل على التناسخ : أن يبدل آية مكان آية ، وهو على تبديل حكم آية بحكم آية أخرى ، لا على رفعها {[10503]} عينها .

والثاني : قوله : { وإذا بدلنا آية مكان آية } ، أي : بدلنا حجة بعد حجة وآية بعد آية لرسالته . { قالوا إنما أنت مفتر } ، كلما آتاهم حجة على إثر حجة ، وآية بعد آية يقولون : { إنما أنت مفتر } ، ينسبون إليه الافتراء أنه افترى . وكذلك كانت عادتهم المعاندة والمكابرة كقوله : { وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين } ( الأنعام : 4 ) ، وكقوله : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون } ( الأنبياء : 2 ) ، ونحوه من الآيات ، كلما ( أتاهم بحجة ) {[10504]} وآية بعد آية ، كانوا يستقبلونه بالتكذيب لها ، ونسبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الافتراء من نفسه ، ويزدادون {[10505]} بذلك كفرا .

وهو ما قال : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } ، { وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم } ( التوبة : 124 و 125 ) ، أخبر أنه كان يزداد أهل {[10506]} الإيمان بما ينزل عليهم من سورة إيمانا ، ويزداد أهل {[10507]} الشرك رجسا وكفرا إلى كفرهم .

( وهو ){[10508]} مثل هذا . ولو كان يحتمل حرف { وإذا } مكان : لو كان أقرب ، ويكون تأويله ، ولو أنزلنا حجة بعد حجة ، وآية على إثر آية جديدة ، ما {[10509]} آمنوا ، كقوله : { ولو أنزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا } ( الأنعام : 111 ) ، وكقوله : { ولو أن قرءانا سيرت به الجبال } الآية ( الرعد : 31 ) ، أي : لو أن هذا القرآن قرآن ، { ولو أن قرءانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى } ، ما آمنوا بعنادهم . فعلى ذلك الأول .

ويحتمل قوله : { وإذا بدلنا آية مكان آية } ، بالسؤال ، أي : بدلنا آية بالسؤال مكان آية ، { قالوا إنما أنت مفتر } . وقوله تعالى : { والله أعلم بما ينزل } ، به صلاحهم وغير صلاحهم ، أو أن يكون : { والله أعلم بما ينزل } ، من تثبيت قلوب الذين آمنوا كقوله : { ليثبت الذين آمنوا } ( النحل 102 ) ، أو أن يكون : { والله أعلم بما ينزل } ، جبريل على رسوله جوابا لقولهم { إنما أنت مفتر } ، وكقوله : { قل نزله روح القدس من ربك بالحق } ( النحل : 102 ) ، أي : ليس مفتر ، ولكن نزله جبريل من ربه .


[10503]:الهاء ساقطة من الأصل وم.
[10504]:في الأصل وم: أتى بهم حجة.
[10505]:في الأصل وم: ويزداد لهم.
[10506]:في الأصل وم: لأهل.
[10507]:في الأصل وم: لأهل.
[10508]:ساقطة من الأصل وم.
[10509]:في الأصل وم: فما.