معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

قوله تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } عذابنا ، { سنة الله } قال : نصبها بنزع الخافض ، أي : كسنة الله . وقيل : على المصدر . وقيل : على الإغراء ، أي : احذروا سنة الله ، { التي قد خلت في عباده } وتلك السنة أنهم إذا عاينوا عذاب الله آمنوا ، ولا ينفعهم إيمانهم عند معاينة العذاب . { وخسر هنالك الكافرون } بذهاب الدارين ، قال الزجاج : الكافر خاسر في كل وقت ، ولكنه يتبين لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

" فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " فلم ينفعهم إيمانهم بالله عند معاينة العذاب وحين رأوا البأس . " سنة الله التي قد خلت في عباده " " سنة الله " مصدر ؛ لأن العرب تقول : سن يسن سنا وسنة ، أي سن الله عز وجل في الكفار أنه لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب . وقد مضى هذا مبينا في " النساء " {[13408]} و " يونس " {[13409]} وأن التوبة لا تقبل بعد رؤية العذاب وحصول العلم الضروري . وقيل : أي احذروا يا أهل مكة سنة الله في إهلاك الكفرة ف " سنة الله " منصوب على التحذير والإغراء . " وخسر هنالك الكافرون " قال الزجاج : وقد كانوا خاسرين من قبل ذلك إلا أنه بين لنا الخسران لما رأوا العذاب . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي " لم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " " وخسر هنالك الكافرون " كسنتنا في جميع الكافرين ف " سنة " نصب بنزع الخافض أي كسنة الله في الأمم كلها . والله أعلم .


[13408]:راجع ج 5 ص 92 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
[13409]:راجع ج 8 ص 384 طبعة أولى أو ثانية.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

ومثل هذا الإيمان لا يعني صاحبه ولا ينفعه وهو لا يدفع عن المشركين داهية العذاب الأليم . وهو قوله سبحانه { فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } { سُنَّةَ } منصوب على المصدر . وفعله سنّ يسنُّ سنًّا وسنةً .

والمعنى : أن الله قد سنّ في الكافرين ، أو حكم فيهم أنه لا ينفعهم الإيمان إذا عاينوا العذاب . وبذلك فإن التوبة عقب رؤية العذاب لا تقبل . وفي الحديث : " إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " وذلكم هو حكم الله في الذي يتوب عند معاينة العذاب ، فإن توبته لا قيمة لها .

وقيل : { سُنَّةَ } منصوب على التحذير ؛ أي احذروا سنة الله في إهلاك الكافرين .

قوله : { وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ } إذا نزل العذاب بالكافرين فرأوه وعاينوه أيقنوا حينئذ أنهم خاسرون هلكى وأنهم صائرون إلى العذاب المقيم في النار ، فبئس النُّزُلُ والقرار . {[4039]}


[4039]:تفسير القرطبي ج 15 ص 336 وتفسير ابن كثير ج 4 ص 89-90