ولما كان الكفر بالغيب سبباً لعدم قبول الإيمان عند الشهادة قال تعالى : { فلم يك ينفعهم } أي : لم يصح ولم يقبل بوجه من الوجوه { إيمانهم } أي : لا يتجدد لهم نفعه بعد ذلك لأنه إيمان الجاء واضطرار ، لا إيمان طواعية واختيار { لما رأوا } وأظهر موضع الإضمار زيادة في الترهيب فقال تعالى شأنه : { بأسنا } أي : عذابنا لامتناع قبول الإيمان حينئذ لأنه لا يتحقق ولا يتصور إلا مع الغيب ، وأما عند الشهادة فقد كشفت سريرته على انه قد فاتت حقيقته وصورته ، ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه ، فإن قيل : أي : فرق بين قوله تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم } وبينه ، لو قيل فلم ينفعهم إيمانهم ؟ أجيب : بأنه من كان في نحو قوله تعالى : { ما كان لله أن يتخذ من ولد } ( مريم : 35 ) والمعنى فلم يصح ولم يستقم أن ينفعهم إيمانهم . فإن قيل : كيف ترادفت هذه الفاءات ؟ أجيب : بأن قوله تعالى : { فما أغنى عنهم } نتيجة قوله تعالى : { كانوا أكثر منهم } وأما قوله تعالى : { فلما جاءتهم رسلهم } فجار مجرى البيان والتفسير لقوله تعالى : { فما أغنى عنهم } كقولك رزق زيد المال فمنع المعروف فلم يحسن إلى الفقراء وقوله تعالى { فلما رأوا بأسنا } تابع لقوله تعالى : { فلما جاءتهم } كأنه قال : فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا فكذلك فلم يك ينفعهم إيمانهم تابع لإيمانهم لما رأوا بأس الله تعالى ، وقوله تعالى : { سنة الله } أي : الملك الأعظم ، يجوز انتصابها على المصدر المؤكد لمضمون الجملة أي : الذي فعله الله تعالى بهم سنة سابقة من الله تعالى ويجوز انتصابها على التحذير أي : احذروا سنة الله تعالى في المكذبين { التي قد خلت في عباده } وتلك السنة أنهم إذا عاينوا العذاب آمنوا ولم ينفعهم إيمانهم .
فائدة : رسمت سنة بتاء مجرورة ووقف عليها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالهاء ، والباقون بالتاء ، وأمال الكسائي الهاء في الوقف { وخسر } أي : هلك أي : تحقق وتبين أنه خسر { هنالك الكافرون } أي : العريقون في هذا الوصف فلا انفكاك بينهم وبين الكفر .
تنبيه : هنالك في الأصل اسم مكان قيل : استعير هنا للزمان ولا حاجة له فالمكانية فيه ظاهرة ، وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبي صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة المؤمن لم يبق روح نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا صلى عليه واستغفر له » حديث موضوع . وعن ابن سيرين رأى رجل في المنام سبع جوار حسان في مكان واحد لم ير أحسن منهن فقال لهن : لمن أنتن فقلن لمن يقرأ آل حم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.