{ أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ( 82 ) فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ( 83 ) فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين ( 84 ) فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ( 85 ) } [ 82 – 85 ] .
احتوت الآيات تساؤلا استنكاريا عما إذا كان كفار العرب لم يسيروا في الأرض ويشاهدوا آثار عذاب الله في أمثالهم من الأمم السابقة . ثم أخذت تذكر حالة هذه الأمم : فقد كانوا أكثر منهم عددا وأشد قوة وأوسع آثارا وتمكنا في الأرض فلم يغن ذلك عنهم شيئا . ولقد اغتروا بما كانوا عليه من كثرة وغنى ومعارف فلما جاءتهم رسل الله بآياته وبيناته وكذبوهم فحاق بهم شر موقفهم وحل عليهم غضب الله . ولقد اضطربوا حينما رأوا بلاء الله يحل فيهم فأظهروا الندم وأعلنوا إيمانهم بالله وحده ونبذوا ما كانوا يشركونهم معه من الشركاء ، ولكن هذا لم يكن لينفعهم ؛ لأنه جاء بعد فوات الفرصة ، وقد حل فيهم الخزي والخسران . وهذه سنة الله التي قد جرى عليها في عباده .
وواضح أن الآيات متصلة بالسياق وما جاء بسبيله من تعقيب على موقف المشركين الجدلي والحجاجي . وقد استهدفت تذكير المشركين وحملهم على الارعواء والاعتبار بما كان من أمر أمثالهم الذين كانوا أقوى وأغنى منهم . وأسلوبها قوي نافذ ، وقد جاءت في ذات الوقت خاتمة للسورة وربطت بين أولها وآخرها حيث احتوت أوائل السورة آية مماثلة للآية الأولى منها .
وفي الآية الأخيرة تلقين مستمر المدى ، فالتراجع عن موقف البغي والانحراف والجريمة ، والإنابة إلى الله إنما يمكن أن ينفع قبل فوات الوقت إلى قبل وقوع العذاب أو الموت . وقد تكرر تقرير هذا في سور مكية ومدنية عديدة وبعضها في سور سبق تفسيرها . وقد نبهنا على ذلك في تعليقنا على التوبة في سورة البروج . وفي تكرار ذلك حكمة سامية وهي مواصلة الإهابة بالضالين والمنحرفين إلى الارعواء ، والرجوع إلى الله والاستقامة واتباع طريق الحق والهدى في فسحة من العمر والعافية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.