الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

" فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " فلم ينفعهم إيمانهم بالله عند معاينة العذاب وحين رأوا البأس . " سنة الله التي قد خلت في عباده " " سنة الله " مصدر ؛ لأن العرب تقول : سن يسن سنا وسنة ، أي سن الله عز وجل في الكفار أنه لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب . وقد مضى هذا مبينا في " النساء " {[13408]} و " يونس " {[13409]} وأن التوبة لا تقبل بعد رؤية العذاب وحصول العلم الضروري . وقيل : أي احذروا يا أهل مكة سنة الله في إهلاك الكفرة ف " سنة الله " منصوب على التحذير والإغراء . " وخسر هنالك الكافرون " قال الزجاج : وقد كانوا خاسرين من قبل ذلك إلا أنه بين لنا الخسران لما رأوا العذاب . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي " لم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " " وخسر هنالك الكافرون " كسنتنا في جميع الكافرين ف " سنة " نصب بنزع الخافض أي كسنة الله في الأمم كلها . والله أعلم .


[13408]:راجع ج 5 ص 92 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
[13409]:راجع ج 8 ص 384 طبعة أولى أو ثانية.