اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

قوله : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ } يجوز رفع «إيمانهم » اسماً لكان ، و «يَنْفَعُهُمْ » جملة خبراً مقدماً ، ويجوز أن يرتفع بأنه فاعل ينفعهم ، وفي كان ضمير الشأن{[48485]} .

وقد تقدم هذا محققاً في قوله : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ } [ الأعراف : 137 ] وأنه ليس من باب التنازع{[48486]} . ودخل حرف النفي على الكون لا على النفي ؛ لأنه بمعنى لا يصح ولا ينبغي ، كقوله تعالى : { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ }{[48487]} [ مريم : 35 ] .

واعلم أن المراد بالوقت الذي لا ينفع الإيمان فيه هو وقت مُعَاينَة نزول ملائكة الرحمة وملائكة العذاب لأن في ذلك الوقت يصير المرء ملجأ إلى الإيمان فذلك الإيمان لاَ يَنْفَعُ .

قوله : { سُنَّةَ الله } يجوز انتصابها على المصدر المؤكد لمضمون الجملة يعني إن الذي فعل الله بهم سنة سابقة من الله{[48488]} ، ويجوز انتصابها على التحذير ، أي احذَرُوا{[48489]} سنة الله في المكذبين { التي قد خلت في عباده } ، وتلك السنة أنهم إذا عاينوا العذاب آمنوا ولا ينفعهم إيمانهم { هُنَالِكَ الكافرون } «هُنَالِكَ » في الأصل مكان . قيل : واستعير هنا للزمان{[48490]} ، ولا حاجة فالمكانيةُ فيه ظاهرة{[48491]} ، أي وخسر هُنَالِكَ الكافرون بذهاب الدارين{[48492]} .

قال الزَّجَّاجُ : «الكافر خاسر في كل وقت ، وإنما يُبَيِّنُ لهم خسرانهم إذا رأوا العَذَاب »{[48493]} .

فصل

قال بن سيرين : رأى رجل في المنام سَبْعَ جوارٍ حِسَانٍ في مكان واحد لم ير أحْسَنَ منْهُنَّ فقال لهُنَّ : لِمَنْ أنتُنَّ ؟ فقُلْنَ : لِمَنْ قَرَأَ آلَ حمَ .

( اللَّهم وفِّقنا لكتابك ){[48494]} ( والله سبحانه وتعالى أعلم ){[48495]} .


[48485]:قاله أبو حيان في البحر المحيط 7/479.
[48486]:والتنازع هنا في الآية الذي يقصده تنازع فرعون "لكان" على أنه اسمها مؤخر، و "ليصنع" على أنه فاعل، فالتنازع هنا معمول لعاملين.
[48487]:الآية 35 من مريم. وانظر البحر المحيط 7/479 والكشاف 3/440.
[48488]:قاله الزمخشري في الكشاف المرجع السابق ونقله عنه أبو حيان في بحره 7/479.
[48489]:حكاه أبو حيان في البحر بدون نسبة.
[48490]:سبق إلى هذا القول الزمخشري في كشافه ونفله عنه أبو حيان في بحره، وانظر هذا في الدر المصون 4/715.
[48491]:هذا قول شهاب الدين السمين في الدر 4/715.
[48492]:قاله البغوي في معالم التنزيل 6/104.
[48493]:قال في معاني القرآن وإعرابه: "والكافرون والمبطلون خاسرون في ذلك الوقت وفي كل وقت خاسرون ولكنه تعالى بين لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب". معاني القرآن وإعرابه 4/378.
[48494]:زيادة من أ الأصل.
[48495]:زيادة من ب.