واختلف المتأولون في الضمير في قوله { يملكون } فقالت فرقة : هو عائد على المجرمين ، أي { لا يملكون } أن يشفع لهم ولا سبيل لهم إليها ، وعلى هذا التأويل فهم المشركون خاصة ، ويكون قوله { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } استثناء منقطعاً ، أي لكن من اتخذ عهداً يشفع له ، والعهد على هذا الإيمان قال ابن عباس : العهد لا إله إلا الله . وفي الحديث «يقول الله تعالى يوم القيامة من كان له عندي عهد فليقم »{[8051]} وفي الحديث «خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن تامة كان له عند الله عهد أن يدخل الجنة »{[8052]} والعهد أيضاً الإيمان وبه فسر قوله { لا ينال عهدي الظالمين }{[8053]} [ البقرة : 124 ] ويحتمل أن يكون «المجرمون » يعم الكفرة والعصاة ثم أخبر أنهم { لا يملكون الشفاعة } إلا العصاة المؤمنون فإنهم يشفع فيهم فيكون الاستثناء متصلاً ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا أزال أشفع حتى أقول يا رب شفعني فيمن قال لا إله إلا الله ، فيقول : يا محمد ليست لك ، ولكنها لي »{[8054]} . وقالت فرقة : الضمير في قوله { لا يملكون } للمتقين ، قوله { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } أي إلا من كان له عمل صالح مبرز يحصل به في حيز من يشفع وقد تظاهرت الأحاديث بأن أهل الفضل والعلم والصلاح يشفعون فيشفعون ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن في أمتي رجلاً يدخل الله بشفاعته الجنة اكثر من بني تميم »{[8055]} ، قال قتادة : وكنا نحدث أن الشهيد يشفع في سبعين ، وقال بعض هذه الفرقة معنى الكلام { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } أي لا يملك المتقون الشفاعة إلا لهذه الصنيفة فيجيء { من } في التأويل الواحد للشافعين ، وفي الثاني للمشفوع فيهم{[8056]} ، وتحتمل الآية أن يراد ب { من } محمد عليه السلام وبالشفاعة الخاصة لمحمد العامة للناس ، ويكون الضمير في { يملكون } لجميع أهل المواقف ، ألا ترى أن سائر الأنبياء يتدافعون الشفاعة حتى تصير إليه فيقوم إليها مدلاً ، فالعهد على هذا النص على أمر الشفاعة{[8057]} ، وقوله تعالى : { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً }{[8058]} [ الأسراء : 79 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.