الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَّا يَمۡلِكُونَ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (87)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قوله : { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وتبرأ من الحول والقوّة ، ولا يرجو إلا الله .

وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } قال : المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن مقاتل بن حيان { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } قال : العهد الصلاح .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } قال : من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أدخل على مؤمن سروراً فقد سرني ، ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن عهداً ، ومن اتخذ عند الرحمن عهداً فلا تمسه النار . إن الله لا يخلف الميعاد » .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه ، عن ابن مسعود أنه قرأ { إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } قال : إن الله يقول يوم القيامة : «من كان له عندي عهد فليقم ، فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا . قولوا اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا إنك أن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهداً تؤديه إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد » .

وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة - قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئاً - جاء وله عند الله عهد أن لا يعذبه ، ومن جاء قد انتقص منهن شيئاً ، فليس له عند الله عهد ، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه » .

وأخرج الحكيم الترمذي ، عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قال في دبر كل صلاة - بعدما سلم - هؤلاء الكلمات : كتبه ملك في رق فختم بخاتم ، ثم دفعها إليّ يوم القيامة ، فإذا بعث الله العبد من قبره ، جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي : أين أهل العهود ؟ حتى تدفع إليهم ، والكلمات أن تقول : اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم - إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك ، فلا تكلني إلى نفسي ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل رحمتك لي عهداً عندك تؤديه إلي يوم القيامة : إنك لا تخلف الميعاد » وعن طاوس : أنه أمر بهذه الكلمات فكتبت في كفنه .

وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ( 88 ) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ( 89 ) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ( 90 ) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ( 91 ) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ( 92 ) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ( 93 ) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ( 94 ) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ( 95 ) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ( 96 ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ( 97 )