الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَّا يَمۡلِكُونَ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (87)

{ لاَّ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ * إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } يعني لا إله إلاّ الله ، ومن في موضع النصب على الاستثناء .

قال ابن عباس : يعني لا يشفع إلاّ من شهد أن لا إله إلاّ الله تبرّأ من الحول والقوة ولا يرجو إلا الله عزّ وجلّ .

وقال بعضهم : معناه إلاّ لمن اتخذ ، نظيره

{ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى } [ الأنبياء : 28 ] قال مقاتل { إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً } يعني اعتقد بالتوحيد .

وقال قتادة : عمل بطاعة الله ، وروى أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله علائم يقول لأصحابه ذات يوم : " أيعجز أحدكم أن يتّخذ كلّ صباح ومساء عند الله عهداً ؟ قالوا : كيف ذاك ؟ قال : يقول كلّ صباح ومساء : اللهمّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إنّي أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أنىّ أشهد أن لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك ، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك ، وأنّك إن تكلني إلى نفسي تقرّبني من الشرّ وتباعدني من الخير ، وإنّي لا أثق إلاّ برحمتك فاجعل لي عندك عهداً توفّينيه يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد ، فإذا قال ذلك طبع الله عليه بطابع ووضع تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الرَّحْمن عهدٌ فيدخلون الجنة ؟ " .