فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَّا يَمۡلِكُونَ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (87)

وجملة : { لاَ يَمْلِكُونَ الشفاعة } مستأنفة لبيان بعض ما يكون في ذلك اليوم من الأمور ، والضمير في { يملكون } راجع إلى الفريقين . وقيل : للمتقين خاصة . وقيل : للمجرمين خاصة ، والأوّل أولى . ومعنى { لا يملكون الشفاعة } : أنهم لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم . وقيل : لا يملك غيرهم أن يشفع لهم ، والأوّل أولى { إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } هذا الاستثناء متصل على الوجه الأوّل أي لا يملك الفريقان المذكوران الشفاعة إلا من استعدّ لذلك بما يصير به من جملة الشافعين لغيرهم بأن يكون مؤمناً متقياً ، فهذا معنى اتخاذ العهد عند الله . وقيل : معنى اتخاذ العهد أن الله أمره بذلك كقولهم : عهد الأمير إلى فلان إذا أمره به . وقيل : معنى اتخاذ العهد : شهادة أن لا إله إلا الله . وقيل : غير ذلك . وعلى الاتصال في هذا الاستثناء يكون محل «من » في { من اتخذ } الرفع على البدل ، أو النصب على أصل الاستثناء . وأما على الوجه الثاني فالاستثناء منقطع ؛ لأن التقدير : لا يملك المجرمون الشفاعة { إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } وهم المسلمون . وقيل : هو متصل على هذا الوجه أيضاً ، والتقدير : لا يملك المجرمون الشفاعة إلا من كان منهم مسلماً .

/خ95