قوله تعالى : { سنريهم آياتنا في الآفاق } قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني منازل الأمم الخالية . { وفي أنفسهم } بالبلاء والأمراض . وقال قتادة : في الآفاق يعني : وقائع الله في الأمم ، وفي أنفسهم يوم بدر . وقال مجاهد ، والحسن ، والسدي ، والكلبي : في الآفاق ما يفتح من القرى على محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، وفي أنفسهم : فتح مكة . { حتى يتبين لهم أنه الحق } يعني : دين الإسلام . وقيل : القرآن يتبين لهم أنه من عند الله . وقيل : محمد صلى الله عليه وسلم ، يتبين لهم أنه مؤيد من قبل الله تعالى . وقال عطاء وابن زيد : في الآفاق يعني : أقطار السماء والأرض من الشمس والقمر والنجوم والنبات والأشجار والأنهار ، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة ، حتى يتبين لهم أنه الحق . { أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } قال مقاتل : أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ، شاهد لا يغيب عنه شيء .
ويدعهم بعدئذ يفكرون ويحسبون . ويتجه إلى الكون العريض . يكشف عن بعض ما قدر فيه - وفي ذوات أنفسهم - من مقادير :
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق . أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ? ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم . ألا إنه بكل شيء محيط . .
إنه الإيقاع الأخير . وإنه لإيقاع كبير . . .
إنه وعد الله لعباده - بني الإنسان - أن يطلعهم على شيء من خفايا هذا الكون ، ومن خفايا أنفسهم على السواء . وعدهم أن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق . هذا الدين . وهذا الكتاب . وهذا المنهج . وهذا القول الذي يقوله لهم . ومن اصدق من الله حديثاً ?
ولقد صدقهم الله وعده ؛ فكشف لهم عن آياته في الآفاق في خلال القرون الأربعة عشر التي تلت هذا الوعد ؛ وكشف لهم عن آياته في أنفسهم . وما يزال يكشف لهم في كل يوم عن جديد .
وينظر الإنسان فيرى البشر قد كشفوا كثيرا جدا منذ ذلك الحين . فقد تفتحت لهم الآفاق . وتفتحت لهم مغاليق النفوس بالقدر الذي شاءه الله .
لقد عرفوا أشياء كثيرة . لو أدركوا كيف عرفوها وشكروا لكان لهم فيها خير كثير .
عرفوا منذ ذلك الحين أن أرضهم التي كانوا يظنونها مركز الكون . . إن هي إلا ذرة صغيرة تابعة للشمس . وعرفوا أن الشمس كرة صغيرة منها في الكون مئات الملايين . وعرفوا طبيعة أرضهم وطبيعة شمسهم - وربما طبيعة كونهم ، إن صح ما عرفوه !
وعرفوا الكثير عن مادة هذا الكون الذي يعيشون فيه . إن صح أن هناك مادة . عرفوا أن أساس بناء هذا الكون هو الذرة . وعرفوا أن الذرة تتحول إلى إشعاع . وعرفوا إذن أن الكون كله من إشعاع . . في صور شتى : هي التي تجعل منه هذه الأشكال والأحجام !
وعرفوا الكثير عن كوكبهم الأرضي الصغير . عرفوا أنه كرة أو كالكرة . وعرفوا أنه يدور حول نفسه وحول الشمس . وعرفوا قاراته ومحيطاته وأنهاره . وكشفوا عن شيء من باطنه . وعرفوا الكثير من المخبوء في جوف هذا الكوكب من الأقوات . والمنثور في جوه من هذه الأقوات أيضاً !
وعرفوا وحدة النواميس التي تربط كوكبهم بالكون الكبير ، وتصرف هذا الكون الكبير . ومنهم من اهتدى فارتقى من معرفة النواميس إلى معرفة خالق النواميس . ومنهم من انحرف فوقف عن ظاهر العلم لا يتعداه . ولكن البشرية بعد الضلال والشرود من جراء العلم ، قد أخذت عن طريق العلم تثوب ، وتعرف أنه الحق عن هذا الطريق .
ولم تكن فتوح العلم والمعرفة في أغوار النفس بأقل منها في جسم الكون . فقد عرفوا عن الجسم البشري وتركيبه وخصائصه وأسراره الشيء الكثير . عرفوا عن تكوينه وتركيبه ووظائفه وأمراضه ، وغذائه وتمثيله ، وعرفوا عن أسرار عمله وحركته ، ما يكشف عن خوارق لا يصنعها إلا الله .
وعرفوا عن النفس البشرية شيئاً . . إنه لا يبلغ ما عرفوه عن الجسم . لأن العناية كانت متجهة بشدة إلى مادة هذا الإنسان وآلية جسمه أكثر مما كانت متجهة إلى عقله وروحه . ولكن أشياء قد عرفت تشير إلى فتوح ستجيء . .
ووعد الله ما يزال قائماً : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) . .
والشطر الأخير من الوعد قد بانت طلائعه منذ مطلع هذا القرن بشكل ملحوظ . فموكب الإيمان يتجمع من فجاج شتى . وعن طريق العلم المادي وحده يفد كثيرون ! وهناك أفواج وأفواج تتجمع من بعيد . ذلك على الرغم من موجة الإلحاد الطاغية التي كادت تغمر هذا الكوكب في الماضي . ولكن هذه الموجة تنحسر الآن . تنحسر - على الرغم من جميع الظواهر المخالفة - وقد لا يتم تمام هذا القرن العشرين الذي نحن فيه ، حتى يتم انحسارها أو يكاد إن شاء الله . وحتى يحق وعد الله الذي لا بد أن يكون :
{ سنريهم آياتنا في الآفاق } يعني ما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم به من الحوادث الآتية وآثار النوازل الماضية ، وما يسر الله له ولخلفائه من الفتوح والظهور على ممالك الشرق والغرب على وجه خارق للعادة . { وفي أنفسهم } ما ظهر فيما بين أهل مكة وما حل بهم ، أو ما في بدن الإنسان من عجائب الصنع الدالة على كمال القدرة . { حتى يتبين لهم أنه الحق } الضمير للقرآن أو الرسول أو التوحيد أو الله { أو لم يكف بربك } أي أو لم يكف ربك ، والفاء مزيدة للتأكيد كأنه قيل : أو لم تحصل الكفاية به ولا تكاد تزاد في الفاعل إلا مع كفى . { أنه على كل شيء شهيد } بدل منه ، والمعنى أو لم يكفك أنه تعالى على كل شيء شهيد محقق له فيحقق أمرك بإظهار الآيات الموعودة كما حقق سائر الأشياء الموعودة ، أو مطلع فيعلم حالك وحالهم ، أو لم يكف الإنسان رادعا عن المعاصي أنه تعالى مطلع على كل شيء لا يخفى عليه خافية .
ثم وعد تعالى نبيه عليه السلام بأنه سيري الكفار آياته .
واختلف المتأولون في معنى قوله : { في الآفاق وفي أنفسهم } فقال أبو المنهال{[1]} والسدي وجماعة : هو وعد بما يفتحه الله تعالى على رسوله من الأقطار حول مكة ، وفي غير ذلك من الأرض كخيبر ونحوها . { وفي أنفسهم } أراد به فتح مكة .
قال القاضي أبو محمد : وهذا تأويل حسن ينتظم الإعلام بغيب ظهر وجوده بعد كذلك ويجري معه لفظ الاستئناف الذي في الفعل{[2]} .
وقال الضحاك وقتادة : { سنريهم آياتنا في الآفاق } هو ما أصاب الأمم المكذبة في أقطار الأرض قديماً { وفي أنفسهم } يوم بدر ، وقال ابن زيد وعطاء : { الآفاق } : آفاق السماء . وأراد : الآيات : في الشمس والقمر والرياح وغير لك . { وفي أنفسهم } عبرة الإنسان بجسمه وحواسه وغريب خلقته وتدريجه في البطن ونحو ذلك ، وهذه آيات قد كانت مرئية ، فليس هذا المعنى يجري مع قوله : «سنري » والتأويل الأول أرجحها ، والله أعلم . والضمير في قوله تعالى : { أنه الحق } عائد على الشرع والقرآن ، فبإظهار الله إياه وفتح البلاد عليه تبين لهم أنه الحق .
ثم قال تعالى وعداً لنبيه عليه السلام : { أولم يكف بربك } والتقدير : أولم يكف ربك ، والباء زائدة للتأكيد ، وأنه يحتمل أن يكون في موضع رفع على البدل من الموضع ، إذ التقدير : أولم يكف ربك ، ويحتمل أن يكون في موضع خفض على البدل من اللفظ ، وهذا كله بدل الاشتمال ، ويصح أن يكون في موضع نصب على إسقاط حرف الجر ، أي لأنه على كل شيء شهيد .
وقرأ الجمهور : «أنه » بفتح الألف ، وقرأ بعض الناس «إنه » بكسرها على الاعتراض أثناء القول .
{ سَنُرِيهِمْ ءاياتنا فِى الافاق وفى أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق } .
أعقب الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ما فيه تخويفهم من عواقب الشقاق على تقدير أن يكون القرآن من عند الله وهم قد كفروا به إلى آخر ما قرر آنفاً ، بأن وَعَدَ رسوله صلى الله عليه وسلم على سبيل التسلية والبشارة بأن الله سيغمر المشركين بطائفة من آياته ما يتبيّنون به أن القرآن من عند الله حقاً فلا يسعهم إلا الإيمان به ، أي أن القرآن حقّ بَيِّنٌ غير محتاج إلى اعترافهم بحقيته ، وستظهر دلائل حقّيّته في الآفاق البعيدة عنهم وفي قبيلتهم وأنفسهم فتتظاهر الدلائل على أنّه الحق فلا يجدوا إلى إنكارها سبيلاً ، والمراد : أنهم يؤمنون به يومئذٍ مع جميع من يؤمن به . وفي هذا الوعد للرّسول صلى الله عليه وسلم تعريض بهم إذْ يسمعونه على طريقة : فاسمعي يا جارة .
فموقع هذه الجملة بصريحها وتعريضها من الجملة التي قبلها موقع التعليل لأمر الرّسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ما أمر به ، والتعليل راجع إلى إحالتهم على تشكيكهم في موقفهم للطعن في القرآن . وقد سكت عما يترتب على ظهور الآيات في الآفاق وفي أنفسهم المبينة أن القرآن حقّ لأن ما قبله من قوله : { أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد } [ فصلت : 52 ] ينبىء عن تقديره ، أي لا يسعهم إلا الإيمان بأنه حق فمن كان منهم شاكّاً من قبلُ عن قلة تبصر حصل له العلم بعد ذلك ، ومن كان إنّما يكفر عناداً واحتفاظاً بالسيادة افتضح بهتانه وسفَّهه جيرانه . وكلاهما قد أفات بتأخير الإيمان خيراً عظيماً من خير الآخرة بما أضاعه من تزود ثواب في مدة كفره ومن خير الدّنيا بما فاته من شرف السبق بالإيمان والهجرة كما قال تعالى : { لا يستوي منكم من أنفقَ مِن قبلِ الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعدُ وقاتلوا وكلاَّ وعد الله الحسنى } [ الحديد : 10 ] .
وفي هذه الآية طرف من الإعجاز بالإخبار عن الغيب إذ أخبرتْ بالوعد بحصول النصر له ولدينه وذلك بما يسَّر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ولخلفائه مِن بعده في آفاق الدّنيا والمشرق والمغرب عامة وفي بَاحة العرب خاصة من الفتوح وثباتها وانطباع الأمم بها ما لم تتيسر أمْثالها لأحد من ملوك الأرض والقياصرة والأكاسرة على قلة المسلمين إن نسب عددهم إلى عدد الأمم التي فتحوا آفاقها بنشر دعوة الإسلام في أقطار الأرض ، والتّاريخ شاهد بأن ما تهيأ للمسلمين من عجائب الانتشار والسلطان على الأمم أمر خارق للعادة ، فيتبيّن أن دين الإسلام هو الحق وأن المسلمين كلما تمسّكوا بعُرى الإسلام لَقُوا من نصر الله أمراً عجيباً يشهد بذلك السابق واللاحق ، وقد تحدّاهم الله بذلك في قوله : { أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب } [ الرعد : 41 ] ثم قال { ويقول الذّين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم } [ الرعد : 43 ] .
ولم يقف ظهور الإسلام عند فتح الممالك والغلب على الملوك والجبابرة ، بل تجاوز ذلك إلى التغلغل في نفوس الأمم المختلفة فتقلّدوه ديناً وانبثت آدابه وأخلاقه فيهم فأصلحت عوائدهم ونُظُمهم المدنِيّة المختلفة التي كانوا عليها فأصبحوا على حضارة متماثلة متناسقة وأوجدوا حضارة جديدة سالمة من الرعونة وتفشت لغة القرآن فتخاطبت بها الأمم المختلفة الألسن وتعارفت بواسطتها ونبغت فيهم فطاحل من علماء الدّين وعلماء العربية وأيّمة الأدب العربي وفحول الشعراء ومشاهير الملوك الذين نشروا الإسلام في الممالك بفتوحهم .
فالمراد بالآيات في قوله : { سنريهم آياتنا } ما يشمل الدلائل الخارجة عن القرآن وما يشمل آيات القرآن فإن من جملة معنى رؤيتها رؤية ما يصدِّق أخبارها ويبيّن نصحها إياهم بدعوتها إلى خير الدّنيا والآخرة .
والآفاق : جمع أُفُق بضمتين وتسكن فاؤه أيضاً هو : الناحية من الأرض المتميزة عن غيرها ، والناحية من قبة السماء . وعطف { وفي أنفسهم } يجوزُ أن يكون من عطف الخاص على العام ، أي وفي أفق أنفسهم ، أي مكّة وما حولها على حذف مضاف .
والأحسن أنْ يكون في الآفاق على عمومه الشامل لأفقهم ، ويكون معنى { وفي أنفسهم } أنّهم يرون آيات صدقه في أحوال تصيب أنفسهم ، أي ذواتهم مثل الجوع الذي دعا عليهم به النبي صلى الله عليه وسلم ونزل فيه قوله تعالى : { فارتَقِبْ يوم تأتي السماء بدخان مبين } [ الدخان : 10 ] ، ومثل ما شاهدوه من مَصارِع كبرائهم يوم بدر وقد توعدهم به القرآن بقوله { يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون } [ الدخان : 16 ] . وأيَّة عبرة أعظم من مقتل أبي جهل يوم بدر رماه غلامان من الأنصار وتولى عبد الله بن مسعود ذبحه وثلاثتهم من ضعفاء المسلمين وهو ذلك الجبار العنيد . وقد قال عند مَوته : لو غيرُ أكَّار قتلني ، ومن مقتل أُبيّ بن خلف يومئذٍ بيد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قال له بمكة : أنا أقتلُك وقد أيقن بذلك فقال لزوجه ليلة خروجه إلى بدر : والله لو بصق علي لقتلني .
{ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَىْءٍ شهيد } .
عَطْفٌ على إعلام الرّسول بما سيظهر من دلائل صدق القرآن وصدق الرّسول صلى الله عليه وسلم زيادة لتَثبيتِ الرّسول وشرح صدره بأن الله تكفل له بظهور دينه ووضوح صدقه في سائر أقطار الأرض وفي أرض قومه ، على طريقة الاستفهام التقريري تحقيقاً لتيقن النبي صلى الله عليه وسلم بكفالة ربّه بحيث كانت ممّا يقرر عليها كنايةً عن اليقين بها ، فالاستفهام تقريري .
والمعنى : تكفيك شهادة ربّك بصدقك فلا تلتفت لتكذيبهم ، وهذا على حدّ قوله : { لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً } [ النساء : 166 ] وقولِه : { وأرسلناك للنّاس رسولاً وكفى بالله شهيداً } [ النساء : 79 ] فهذا وجه في موقع هذه الآية .
وهنالك وجه آخر أن يكون مساقها مساق تلقين النبي صلى الله عليه وسلم أن يستشهد بالله على أن القرآن من عند الله ، فيكون موقعها موقع القَسم بإشهاد الله ، وهو قسم غليظ فيه معنى نسبة المقسَم عليه إلى أنه مما يشهَد الله به فيكون الاستفهام إنكارياً إنكاراً لعدم الاكتفاء بالقَسَم بالله ، وهو كناية عن القسم ، وعن عدم تصديقهم بالقسَم ، فيكون معنى الآية قريباً من معنى قوله تعالى : { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم } [ الرعد : 43 ] وقوله تعالى : { قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً } [ العنكبوت : 52 ] . s
وليس معنى الآية إنكاراً على المشركين أنّهم لم يكتفوا بشهادة الله على صدق القرآن ولا على صدق الرّسول صلى الله عليه وسلم لأنّهم غير معترفين بأن الله شهد بذلك فلا يظهر توجه الإنكار إليهم . ولقد دلّت كلمات المفسرين في تفسير هذه الآية على تردد في استخراج معناها من لفظها .
وقوله : { أنه على كل شيء شهيد } بدل اشتمال من { بربّك } والتقدير : أو لم يكفهم ربُّك عِلمُه بكل شيء ، أي فهو يحقق ما وعدك من دمغهم بالحجة الدالة على صدقك ، أو فمن استشهدَ به فقد صدق لأن الله لا يُقرّ من استشهد به كاذباً فلا يلبثُ أن يأخذه .
وفي الآية على الوجه الثاني من وجهي قوله : { أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } إشارة إلى أن الله لا يصدق من كذب عليه فلا يتم له أمر وهو معنى قول أيّمة أصول الدّين : إن دلالة المعجزة على الصدق أن تغيير الله العادة لأجل تحدّي الرّسول صلى الله عليه وسلم قائم مقام قوله : صَدَق عبدي فيما أخبر به عني .