الآية 53 وقوله تعالى : { سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } اختُلف فيه : قال بعضهم : { سنُريهم آياتنا } أي نريهم عذابنا الذي نزل بالأمم المتقدمة من بلاء عاد وثمود وقوم لوط ؛ كانوا يمرّون عليها ، ويعرفون أنه لماذا أنزل بهم ذلك : فهو{[18626]} لتكذيبهم الرسل وعنادهم ، ونُريهم عذابنا أيضا في أنفسهم ببدر حين{[18627]} قُتل فراعنتهم يومئذ { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } يقول : إن القرآن ، هو الحق من الله لأن فيه الإخبار عن عذاب{[18628]} الذين كذّبوا محمدا صلى الله عليه وسلم .
وقال بعضهم : { سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ } هو ظهور محمد صلى الله عليه وسلم على البلاد والقرى النائية ، وفتحها عليه { وفي أنفسهم } أي فتح مكة ، وظهوره عليهم على ما وعد له ربه ، جل ، وعلا ، من النصر له وفتح البلاد والقُرى . فيكون هذان التأويلان آية رسالته ونبوّته ، والله أعلم .
ويحتمل قوله : { سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وفي أنفسهم } آيات وحدانيته وألوهيته : أما في الآفاق [ ففي وجهين :
أحدهما : ما ]{[18629]} جعل منافع البلاد النائية والقرى المتباعدة متصلة بمنافع أنفسهم ومنافع البلاد القريبة ، ومنافع السماء متصلة بمنافع الأرض على بُعد ما بينهما ليُعلَم أنه تدبير واحد وفعل فرد لا عدد .
[ والثاني : ]{[18630]} أن تكون آياته في الآفاق رفع السماء مع غلظها وكثافتها وسعتها بلا سبب ولا تعليق من أعلاها ولا عماد .
[ وأما ]{[18631]} في أنفسهم فما{[18632]} حوّلهم ، وقلّبهم في الأرحام من حال النطفة إلى حال العلقة ومن حال العلقة إلى حال المضغة ثم [ من ]{[18633]} حال المضغة إلى حال الإنسان والتصوير والتركيب إلى آخر ما ينتهي إليه أمره ليُعلَم أنه صنع واحد وتدبير فرد ، لا تدبير لأحد سواه في ذلك .
فهذان التأويلان في آية الألوهية والوحدانية . والأولان في إثبات الرسالة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } كأنه يقول : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } شاهدا أنه على ما تقول أنت ؟ أو يقول : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } ناصرا ومعينا ؟ أو يكون قوله : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } أي أو لم يكفِهم ما جاء من عند الله من البينات والقرآن كقوله : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ } الآية ؟ [ العنكبوت : 51 ] فعلى ذلك يحتمل هذا .
ويحتمل : أو لم يكفِهم آية على رسالتك وآية على وحدانية الله تعالى ما جاء من عند الله ؟ والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.