الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (53)

ثم قال تعالى ذكره : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم } أي : سنري هؤلاء المكذبين بما أنزلنا آياتنا في الآفاق ، يعني : وقائع النبي صلى الله عليه وسلم بالمشركين .

قال السدي : هي ما يفتح الله للنبي عليه السلام وقوله : { وفي أنفسهم } يعني : ما يفتح الله للنبي صلى الله عليه وسلم من مكة وهو اختيار الطبري{[60582]} .

وقال ابن زيد : آياتنا في الآفاق يعني : في السماوات ونجومها وشمسها وقمرها{[60583]} .

وقيل{[60584]} : معنى ( وفي أنفسهم ) هو : سبيل{[60585]} الغائط والبول{[60586]} وقيل المعنى : سيرون ما أخبرهم به ( النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون من فتن وفساد وغلبة الروم فارس ، وغير ذلك مما أخبرهم به ){[60587]} أنه سيكون لهم حتى يتبين لهم أن كلما أخبرهم به أنه هو الحق{[60588]} .

وقيل : ( المعنى : سنريهم آثار صنعتنا في الآفاق الدالة على أن لها صانعا حكيما ، وفي أنفسهم من{[60589]} أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا إلى أن بلغوا{[60590]} وعقلوا{[60591]} حتى يتبين لهم أن الله هو الحق لا ما يعبدون من دونه ){[60592]} .

وعن ابن جبير أن معنى ( في الآفاق ){[60593]} هو ظهور النبي صلى الله عليه وسلم على الناس سوى قريش ، وفي أنفسهم : ظهوره على قريش ، وهو اختيار النحاس{[60594]} .

وقيل معنى الآية : سنريهم آثار من مضى من الأمم ممن كذب الرسل قبلهم وآثار خلق الله عز وجل في البلاد ، وفي أنفسهم ، يعني{[60595]} : أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ثم كسيت{[60596]} لحما ، ثم نقلوا إلى التمييز والعقل . وذلك كله ( يدل على ) توحيد الله عز وجل وقدرته حتى يعلموا أن ما أنزلنا على محمد صلى الله عليه وسلم حق{[60597]} .

ثم قال تعالى { أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } ، أي : أو لم يكف ربك أنه شاهد على كل شيء مما يفعله خلقه لا يعزب عنه علم شيء منه .

و( أنه ) في موضع رفع بدل من ( ربك ) على الموضع .

ويجوز{[60598]} أن يكون في موضع خفض على البدل من ( ربك ) على اللفظ . ويجوز أن يكون في{[60599]} موضع ( أن ) نصبا على معنى الآية{[60600]} .

ومعنى الآية : أو لم يكف{[60601]} ما دل من{[60602]} قدرته وحكمته ، ففي ذلك كفاية .

( وقيل : المعنى : أو لم يكف ربك في معاقبة الكفار{[60603]} وقيل : المعنى : أو لم ( يكف ربك يا محمد ){[60604]} أنه شاهد على أعمال هؤلاء الكفار ففي ذلك كفاية لك{[60605]} .


[60582]:انظر: جامع البيان 25/4، وجامع القرطبي 15/374، وتفسير ابن كثير 4/106.
[60583]:انظر: جامع البيان 25/4، والمحرر الوجيز 14/199، وجامع القرطبي 15/374.
[60584]:في طرة (ت).
[60585]:(ت): في سبيل.
[60586]:انظر: جامع البيان 25/4.
[60587]:ساقط من (ت).
[60588]:انظر: إعراب النحاس 4/67.
[60589]:ساقط من (ت).
[60590]:(ت): (يبلغوا).
[60591]:(ح): (وعلقوا).
[60592]:أورده النحاس بلفظه 4/67.
[60593]:(ت): وهو.
[60594]:انظر: إعراب النحاس 4/68.
[60595]:ساقط من (ح).
[60596]:(ح): كست.
[60597]:قاله الزجاج في معانيه 4/391.
[60598]:(ت): (يحبون).
[60599]:ساقط من (ت).
[60600]:انظر: هذه الأوجه الإعرابية الثلاثة في مشكل إعراب القرآن 2/643، وإعراب النحاس 4/67، ويعاني الزجاج 4/392، ومعاني الفراء 3/21، وجامع البيان 25/5، وجامع القرطبي 15/375، والبيان في غريب إعراب القرآن 2/343.
[60601]:(ح): (أو لم يكف ربك).
[60602]:في طرة (ت).
[60603]:انظر: إعراب النحاس 4/68.
[60604]:(يكفك يا محمد ربك).
[60605]:انظر: إعراب النحاس 4/68.