ثم بين أن الإسلام يعلو ولا يعلى وأن الغلبة والنصرة تكون لذويه فقال { سنريهم آياتنا في الآفاق } وهي الفتوح الواقعة على أيدي الخلفاء الراشدين والتي ستقع على أيدي أنصار دينه إلى يوم القيامة . { وفي أنفسهم } وهي فتح مكة وسائر الفتوح التي وجدت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم { حتى يتبين لهم أنه } أي محمداً أو القرآن أو الدين { الحق } ووجه التبين أن هذا إخبار عن الغيب فإذا وقع مطابقاً دل على صدق المخبر بل إعجازه . وواحد الآفاق أفق وهو الناحية من نواحي الأرض والسماء . وعند المحققين الآيات الآفاقية هي الخارجة عن حقيقة الإنسان وبدنه كالأفلاك والكواكب والظلم والأنوار والعناصر والمواليد سواه . ولا ريب أن العجائب المودعة في هذه الأشياء مما لا نهاية لها ، وإنما يوقف عليها حيناً بعد حين . وقد أكثر الله تعالى من تقدير تلك الدلائل في القرآن ، بعضها في السور المكيات وكثير منها في المدنيات ، والآيات النفسية هي التي أودعها في تركيب الإنسان وفي ربط روحه العلوي ببدنه السفلي كقوله { وفي أنفسكم أفلا تبصرون }
[ الذاريات : 21 ] وفي قوله { سنريهم } دلالة على أن رؤية الأدلة إنما تكون بإراءة الله . قال جار الله : معنى قوله { أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } هو أن هذه الآيات الموعودة تكفيهم دلالة على أن القرآن منزل من عالم الغيب المطلع على كل شيء . وقال حكماء الإسلام : أراد بقوله { أو لم يكف } توبيخ من ليس له رتبة الاستدلال بنفس الوجود على واجب الوجود ، فإن هذا هو طريقة الصديقين ، وأما غيرهم فإنهم يستدلون بالممكن على الواجب فيفتقرون إلى النظر في الآفاق . قال أهل المعرفة : النظر في الآفاق لأجل العوام والأنفس للخواص وقوله { أو لم يكف } لخواص الخواص . وقيل : أولم يكف الإنسان من الزاجر والرادع عن المعاصي كون الله شهيداً عليهم . وقيل : أراد أنه لا يخلف ما وعد لاطلاعه على الأشياء كلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.