بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (53)

قوله تعالى : { سَنُرِيهِمْ آياتنا في الآفاق } يعني : عذابنا في البلاد ، مثل هلاك عاد ، وثمود ، وقوم لوط ، وهم يرون إذا سافروا ، آثارهم ، وديارهم . { وَفي أَنفُسِهِمْ } يبتلون بأنفسهم من البلايا . ويقال : من قتل أصحابهم الكفار في الحرب ، { حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق } يعني : إن الذي قلت هو الحق ، فيصدقونك . وقال مجاهد : { سَنُرِيهِمْ آياتنا في الآفاق } يعني : ما يفتح الله عليهم من القرى ، { وَفي أَنفُسِهِمْ } قال : فتح مكة . وقال الضحاك : معناه أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ائتنا بعلامة ، فانشق القمر نصفين . فقال : أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كان القمر قد انشق ، فهي آية . ثم قال : يا معشر قريش ، إن محمداً قد سحر القمر ، فوجهوا رسلكم إلى الآفاق . هل عاينوا القمر ؟ إنْ كان كذلك ، فهي آية وإلا فذلك سحر ، فوجهوا . فإذا أهل الآفاق ، يتحدثون بانشقاقه . فقال أبو جهل عليه اللعنة : هَذَا سِحْرٌ مُسْتَمِر . يعني : ذاهباً في الدنيا . فنزل { سَنُرِيهِمْ آياتنا في الآفاق وَفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق } وقال بعض المتأخرين . { سَنُرِيهِمْ آياتنا في الآفاق } ما وضع في العالم من الدلائل ، وفي أنفسهم ما وضع فيها من الدلائل ، التي تدل على وحدانية الله تعالى ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق ينطق بالوحي فيما يقول . وهذا كما قال : { وَفي الأرض آيات لِلْمُؤْمِنِين وَفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } .

قوله تعالى : { أَوَ لَم يَكْفِ بِرَبّكَ } شاهداً أن القرآن من الله تعالى ، { أَنَّهُ على كُلّ شيء شَهِيدٌ } أي : عالم بأعمالهم ، بالبعث وغيره .

وقال الكلبي : { أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ } يعني : أنه قد أخبرهم بذلك ، وإن لم يسافروا . ويقال : { أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ } ومعنى الكفاية هاهنا ، أنه قد بيّن لهم ما فيه كفاية ، بالدلالة على توحيده ، وتثبيت رسله .