معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

قوله تعالى : { ويجعلون لما لا يعلمون } ، له حقاً ، أي : الأصنام ، { نصيباً مما رزقناهم } ، من الأموال ، وهو ما جعلوا للأوثان من حروثهم وأنعامهم ، فقالوا : هذا لله بزعمهم ، وهذا لشركائنا . ثم رجع من الخبر إلى الخطاب فقال : { تالله لتسألن } ، يوم القيامة ، { عما كنتم } في الدنيا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

51

( ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم ) . فإذا هم يحرمون على أنفسهم بعض الأنعام . لا يركبونها أولا يذوقون لحومها . أو يبيحونها للذكور دون الإناث - كما أسلفنا في سورة الأنعام - باسم الآلهة المدعاة ؛ التي لا يعلمون عنها شيئا ، إنما هي أوهام موروثة من الجاهلية الأولى . والله هو الذي رزقهم هذه النعمة التي يجعلون لما لا يعلمون نصيبا منها ، فليست هي من رزق الآلهة المدعاة لهم ليردوها عليها ، إنما هي من رزق الله ، الذي يدعوهم إلى توحيده فيشركون به سواه ! .

وهكذا تبدو المفارقة في تصورهم وفي تصرفهم على السواء . . الرزق كله من الله . والله يأمر ألا يعبد سواه فهم يخالفون عن أمره فيتخذون الآلهة . وهم يأخذون من رزقه فيجعلونه لما نهاهم عنه ! وبهذا تتبدى المفارقة واضحة جاهرة عجيبة مستنكرة ! .

وما يزال أناس بعد أن جاءت عقيدة التوحيد وتقررت ، يجعلون نصيبا من رزق الله لهم موقوفا على ما يشبه آلهة الجاهلية . ما يزال بعضهم يطلق عجلا يسميه " عجل السيد البدوي " يأكل من حيث يشاء لا يمنعه أحد ، ولا ينتفع به أحد ، حتى يذبح على اسم السيد البدوي لا على اسم الله ! وما يزال بعضهم ينذرون للأولياء ذبائح يخرجونها من ذمتهم لا لله ، ولا باسم الله ، ولكن باسم ذلك الولي ، على ما كان أهل الجاهلية يجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقهم الله . وهو حرام نذره على هذا الوجه . حرام لحمه . ولو سمي اسم الله عليه . لأنه أهل لغير الله به ! .

( تالله لتسألن عما كنتم تفترون ) بالقسم والتوكيد الشديد . فهو افتراء يحطم العقيدة من أساسها لأنه يحطم فكرة التوحيد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

{ ويجعلون لما لا يعلمون } ، أي : لآلهتهم التي لا علم لها ؛ لأنها جماد ، فيكون الضمير { لما } ، أو التي لا يعلمونها ، فيعتقدون فيها جهالات ، مثل أنها تنفعهم وتشفع لهم ، على أن العائد إلى ما محذوف ، أو لجهلهم ، على أن ما مصدرية ، والمجعول له محذوف للعلم به . { نصيبا مما رزقناهم } ، من الزروع والأنعام . { تالله لتسألن عما كنتم تفترون } ، من أنها آلهة حقيقة بالتقريب إليها ، وهو وعيد لهم عليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

الضمير في قوله : { ويجعلون } ، للكفار ، وقوله : { لما لا يعلمون } ، يريد الأصنام ، ومعناه : لا يعلمون فيهم حجة ولا برهاناً ، ويحتمل أن يريد بقوله : { يعلمون } ، الأصنام ، أي : يجعلون لجمادات لا تعلم شيئاً { نصيباً } ، فالمفعول محذوف ، ثم عبر عنهم بعبارة من يعقل ، بحسب مذهب الكفار الذين يسندون إليها ما يسند إلى من يعقل ، وبحسب أنه إسناد منفي ، وهذا كله ضعيف ، و «النصيب » المشار إليه ، هو ما كانت العرب سنته من الذبح لأصنامها والإهداء إليها ، والقسم لها من الغلات ، ثم أمر الله تعالى نبيه عليه السلام ، أن يقسم لهم أنهم سيسألون على افترائهم ، في أن تلك السنن هي الحق الذي أمر الله به ، كما قال بعضهم ، و «الفرية » : اختلاق الكذب .