غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

43

ثم حكى نوعاً آخر من قبائح أعمال بني آدم فقال : { ويجعلون لما لا يعلمون } ، الضمير الأوّل للمشركين ، والثاني ، قيل : لهم ، وقيل : للأصنام التي لا توصف بالعلم والشعور ، ورجح الأوّل ؛ بأن نفي العلم عن الحي حقيقة وعن الجماد مجاز ، وبأن جمع السلامة بالعقلاء أليق ، وقد يرجح الثاني ؛ بأن الأوّل يفتقر إلى الإضمار ، كما لو قيل : ويجعلون لما لا يعلمون في طاعته نفعاً ، ولا في الإعراض عنه ضراً . وقال مجاهد : يعلمون أن الله خلقهم ، ويضرهم وينفعهم ، ثم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضرهم { نصيباً } ، أو يجعلون لما لا يعلمون إلاهيتها ، أو السبب في صيرورتها معبودة . والمراد بجعل النصيب ما مر في " الأنعام " في قوله : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا } [ الأنعام : 136 ] وقيل : البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي . عن الحسن : وقيل : هم المنجمون ، الذين يوزعون موجودات هذا العالم على الكواكب السبعة ، فيقولون : لزحل كذا وكذا من المعادن والنبات والحيوان ، وللمشتري كذا ، إلى آخر الكواكب . ثم أوعدهم الله بقوله : { تالله لتسئلن عما كنتم تفترون } على الله ، من أن له شريكاً ، وأن الأصنام أهل للتقرب إليها ، مع أنه لا شعور لها بشيء أصلاً ، أو المراد بالافتراء : قولهم : هذا حلال وهذا حرام من غير إذن شرعي ، أو قولهم : إن لغير الله تأثيراً في هذا العالم . ومتى يكون هذا السؤال ؟ قيل : عند القرب من الموت ، ومعاينة ملائكة العذاب ، وقيل : في القبر . والأقرب أنه في الآخرة ، وهذا في هؤلاء الأقوام خاصة ، كقوله : { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } [ الحجر : 92 ] ، في الأمم عامة .

/خ60