تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

الآية : 56 وقوله تعالى : { ويجعلون } أي يقولون : { لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم } ، من الأنعام والحرث وغيره الذي جعل الله لهم ، ولا يعلمون لهم نصيبا في ذلك ، وهو كقوله : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا } ( الأنعام : 136 ) حرموا على أنفسهم ما جعل الله لهم ، وجعلوه لآلهتهم .

ويحتمل قوله : { ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا } وهو الشيطان ؛ أي : ما يجعلون للأوثان فذلك للشيطان في الحقيقة ؛ هو الذي أمرهم بذلك ، وهو الذي دعاهم إلى ذلك ، وهو كقوله : { يا أبت لا تعبد الشيطان } ( مريم : 44 ) ، ولا أحد يقصد قَصْدَ عبادة الشيطان ، لكنهم إذا عبدوا الشيطان ، كأنهم {[10211]} قد عبدوا الشيطان ؛ لأنه هو أمرهم بذلك ، وهو دعاهم إلى ذلك . فعلى ذلك ما يجعلون للأوثان ذلك للشيطان ، لما ذكرنا ، لكن لا يعلمون أن ذلك ، له نصيب .

ويحتمل قوله : { ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا } ، أي : يعلمون أن ليس لها نصيب في ذلك ، ولكن يجعلون ذلك لها على علم منهم ، أي لها نصيب للأوثان في ذلك ، وهو كقوله : { قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض } ( يونس : 18 ) أي : أتنبئون الله بما لا يعلم أنه ليس ونحوه ، أي : يعلم غير الذي تنبئون ، قد ذكرنا قوله : { ويجعلون } على قول أي يقولون : وإلا لا يملكون جعل ذلك .

وقوله تعالى : { تالله لتسألن عما كنتم تفترون } ، يحتمل قوله : { تفترون } تسميتهم الأصنام آلهة .

ويحتمل افتراؤهم على الله ما قالوا : { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } ( الأعراف : 28 ) زعموا أنه فعل آبائهم ، وفعلهم {[10212]} كان بأمر من الله ورضاه حين {[10213]} تركهم على ذلك . فذلك افتراؤهم .

وقوله تعالى : { تالله لتسألن عما كنتم تفترون } يحتمل السؤال الجزاء ، أي : تالله لتجزون { عما كنتم تفتون } .

يحتمل السؤال : ( سؤال ){[10214]} حجة ، ( أي يسألون ){[10215]} على ما ادعوا على الله من الأمر الحجة على ذلك ، والله أعلم .


[10211]:في الأصل وم: كان.
[10212]:في الأصل وم: و فعلوهم.
[10213]:في الأصل وم: حيث.
[10214]:من م، ساقطة من الأصل.
[10215]:في الأصل وم: ليسألون.