السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ تَٱللَّهِ لَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ} (56)

ولما بين تعالى بالدلائل القاهرة ، فساد قول أهل الشرك والتشبيه ، شرح تفاصيل أقوالهم ، وبين فسادها بأنواع الأوّل قوله تعالى : { ويجعلون } ، أي : المشركون . { لما لا يعلمون نصيباً مما رزقناهم } ، من الحرث والأنعام ، بقولهم : " هذا لله وهذا لشركائنا " .

تنبيه : الضمير في قوله تعالى : { لما لا يعلمون } ، عائد على الأصنام ، أي : أنّ الأصنام لا تعي شيئاً البتة ؛ لأنها جماد والجماد لا علم له . وقيل : عائد إلى المشركين ، ومعنى لا يعلمونها ، أنهم يسمونها آلهة ، فيعتقدون فيها جهالات ، مثل : أنها تنفعهم وتشفع لهم ، وليس الأمر كذلك .

ثم أقسم سبحانه وتعالى بنفسه على نفسه أنه يسألهم يوم القيامة ، بقوله تعالى : { تالله لتسألنّ } ، سؤال توبيخ ، وفيه التفات من الغيبة إلى الحضور ، وهو من بديع الكلام وبليغه . { عما كنتم تفترون } ، على الله من أنه أمركم بذلك . تنبيه : في وقت السؤال احتمالان ، الأوّل : أنه يقع عند القرب من الموت ، الثاني : أنه يقع في الآخرة . قال الرازي : وهذا أولى .