قوله تعالى : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم } أي : الاحتلام ، يريد الأحرار الذين بلغوا ، { فليستأذنوا } أي : يستأذنون في جميع الأوقات في الدخول عليكم ، { كما استأذن الذين من قبلهم } من الأحرار والكبار . وقيل : يعني الذين كانوا مع إبراهيم وموسى وعيسى . { كذلك يبين الله لكم آياته } دلالاته . وقيل : أحكامه ، { والله عليم } بأمور خلقه ، { حكيم } بما دبر لهم . قال سعيد بن المسيب : يستأذن الرجل على أمه ، فإنما أنزلت هذه الآية في ذلك . وسئل حذيفة : أيستأذن الرجل على والدته ؟ قال : نعم ، إن لم يفعل رأى منها ما يكره .
ثم قال تعالى : { . وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } يعني : إذا بلغ الأطفال الذين إنما كانوا يستأذنون في العورات الثلاث ، إذا بلغوا الحلم ، وجب عليهم أن يستأذنوا على كل حال ، يعني بالنسبة إلى أجانبهم وإلى الأحوال التي يكون الرجل على امرأته ، وإن لم يكن في الأحوال الثلاث .
قال الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير : إذا كان الغلام رباعيا فإنه يستأذن في العورات الثلاث على أبويه ، فإذا بلغ الحلم فليستأذن على كل حال . وهكذا قال سعيد بن جبير .
وقال في قوله : { كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } يعني : كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه .
وقع قوله : { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم } في موقع التصريح بمفهوم الصفة في قوله : { والذين لم يبلغوا الحلم } ليعلم أن الأطفال إذا بلغوا الحلم تغير حكمهم في الاستئذان إلى حكم استئذان الرجال الذي في قوله : { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم } [ النور : 27 ] الآيات ، فالمراد بقوله : { الذين من قبلهم } فيما ذكر من الآية السابقة أو الذين كانوا يستأذنون من قبلهم وهم كانوا رجالاً قبل أن يبلغ أولئك الأطفال مبلغ الرجال .
وقوله : { كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم } القول فيه كالقول في نظيره المتقدم آنفاً ، وهو تأكيد له بالتكرير لمزيد الاهتمام والامتنان . وإنما أضيفت الآيات هنا لضمير الجلالة تفنناً ولتقوية تأكيد معنى كمال التبيين الحاصل من قوله : { كذلك } . وتأكيد معنى الوصفين « العليم الحكيم » . أي هي آيات من لدن مَن هذه صفاته ومَن تلك صفات بيانه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.