غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا بَلَغَ ٱلۡأَطۡفَٰلُ مِنكُمُ ٱلۡحُلُمَ فَلۡيَسۡتَـٔۡذِنُواْ كَمَا ٱسۡتَـٔۡذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (59)

51

ثم بين حكم الأطفال والأحرار بعد البلوغ وهو أن لا يكون لهم الدخول إلا بإذن في جميع الأوقات . ومعنى { الذين من قبلهم } الذين بلغوا الحلم من قبلهم وهم الرجال الذين ذكروا من قبلهم في قوله { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً } الآية . ومتى يحكم ببلوغ الطفل ؟ اتفقوا على أنه إذا احتلم كان بالغاً وأما إذا لم يحتلم فعند عامة العلماء وعليه الشافعي أنه إذا بلغ خمس عشرة سنة فهو بالغ حكماً لما روي أن ابن عمر عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد فلم يجزه وكان له اقل من خمس عشرة سنة ، وعرض عليه يوم الخندق وكان ابن خمس عشرة سنة فأجازه . وعن بعض السلف ويروى عن علي عليه السلام أيضاً أنه كان يعتبر القامة ويقدر بخمسة الأشبار وعليه يحمل قول الفرزدق :

ما زال مذ عقدت يداه إزاره *** فسما وأدرك خمسة الأشبار

وإنبات العانة غير معتبر إلا في حق الأطفال الكفار وقد مر في أول سورة النساء . وإنما ختم هذه الآية بقوله { كذلك يبين الله لكم آياته } وقبلها وبعدها { لكم الآيات } لأنهما يشتملان على علامات يمكن الوقوف عليها وهي في الأولى الأوقات الثلاثة ، وفي الآخرة { من بيوتكم أو بيوت آبائكم } إلى آخرها ومثلهما في قوله { يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات } [ النور : 1718 ] يعني حد الزانيين وحد القاذف . وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر لها علامات يمكن الوقوف عليها بل تفرد سبحانه بعلم ذلك فخصها بالإضافة إلى نفسه . { والله عليم } بمصالح العباد { حكيم } في أوامره ونواهية .

/خ64