الآية 59 : وقوله تعالى : ]وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا[ فقد ذكرنا أنه خاطب به الأولياء في تعليم الآداب وأمور الدين الصغار ، ولم يخاطبهم هو حين{[14220]} قال : [ ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم ] وإذا بلغوا خاطبهم بأنفسهم حين{[14221]} قال : ]وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا( .
ثم{[14222]} يحتمل قوله : ]وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم[ وجهين : يحتمل : إذا احتلموا ، ويحتمل إذا بلغوا وقت الحلم ؛ فالأول على حقيقة الاحتلام ، والثاني على قرب بلوغ الاحتلام . فكان الأول أشبه لأنه خاطبهم في أنفسهم ، وأمرهم بالاستئذان . فلوا لم يكونوا بالغين لم يخاطبهم ، ولكن خاطب به الأولياء كما خاطبهم في الآية الأولى .
وفيه دلالة أن الحد في بلوغ الصغير الاحتلام . وعلى ذلك اتفاق القول منهم .
ألا ترى أنه قال : ]فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم( ؟ يقول ، والله أعلم : كما{[14223]} أمر به قبل هذه الآية البالغين ألا يدخلوا بيتا حتى يستأنسوا ( ويسلموا ){[14224]} على أهله ، أو يكون قوله : ]كما استأذن الذين من قبلهم[ يعني الكبار : أن يكون الاستئذان في الكبار معروفا ظاهرا ، وفي الصغار لا . فأمر إذا بلغوا أن يستأذنوا كما يستأذن الكبار منهم .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق ظاهر الآية ، وهو ما قال : " رفع القلم عن ثلاثة : أحدها : الصبي حتى يحتلم " {[14225]} وأما إذا بلغ خمس عشرة سنة فمما اختلف أصحابنا فيه .
ما رآه أبو يوسف ومحمد بالغا لحديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجازه في القتال ، وهو ابن خمس عشرة سنة ، ولم يجز له ، وهو ابن أربع عشرة سنة ، لكن ليس فيه أنه أجازه لبلوغه ، ولم يجزه لأنه يبلغ . جائز إجازته في العام الثاني لتقويته{[14226]} وطاقته على القتال . ولم يجز في العام الأول لضعفه ووهنه وعجزه عن القتال .
واحتج بعض مشايخنا ، ووجدوا المعروف في من نقضت سنه عن اثنتي عشرة ( سنة ){[14227]} ألا يحتلم ، فإذا بلغها فربما احتلم ، فجعل حد الزيادة على الخمس عشرة سنة التي هي وسط بين المختلفين ثلاث سنين كما كان مقدار النقصان عنها ثلاث سنين . وهذا القول من قوله استحسان ، والله أعلم .
وقوله تعالى ]كذلك يبين الله لكم آيتاه والله عليم حكيم[ أعلامه أي يبين لكم الأعلام التي تحتاجون إليها ، وتعرفون ما يسع لكم وما لا يسع وما يؤتى وما يتقى . وقال بعضهم : آياته ههنا أمره ونهيه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.