مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذَا بَلَغَ ٱلۡأَطۡفَٰلُ مِنكُمُ ٱلۡحُلُمَ فَلۡيَسۡتَـٔۡذِنُواْ كَمَا ٱسۡتَـٔۡذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (59)

{ وَإِذَا بَلَغَ الأطفال مِنكُمُ } أي الأحرار دون المماليك { الحلم } أي الاحتلام أي إذا بلغوا وأرادوا الدخول عليكم { فَلْيَسْتَأْذِنُواْ } في جميع الأوقات { كَمَا استأذن الذين مِن قَبْلِهِمْ } أي الذين بلغوا الحلم من قبلهم وهم الرجال ، أو الذين ذكروا من قبلهم في قوله : { ياأيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلّمُواْ } الآية . والمعنى أن الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في العورات الثلاث ، فإذا اعتاد الأطفال ذلك ثم بلغوا بالاحتلام أو بالسن وجب أن يفطموا عن تلك العادة ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات كالرجال الكبار الذين لم يعتادوا الدخول عليكم إلا بإذن ، والناس عن هذا غافلون ، وعن ابن عباس رضي الله عنه : ثلاث آيات جحدهن الناس : الإذن كله وقوله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم } [ الحجرات : 13 ] { وَإِذَا حَضَرَ القسمة } [ النساء : 8 ] . وعن سعيد بن جبير : يقولون هي منسوخة والله ما هي بمنسوخة وقوله { كذلك يُبَيّنُ الله لَكُمْ ءاياته والله عَلِيمٌ } بمصالح الأنام { حَكِيمٌ } فيما يبين من الأحكام .