قوله تعالى : { جند ما هنالك } أي : هؤلاء الذين يقولون هذا القول جند هنالك ، و ( ( ما ) ) صلة ، { مهزوم } مغلوب ، { من الأحزاب } أي : من جملة الأجناد ، يعني : قريشاً . قال قتادة : أخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين ، وقال : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } فجاء تأويلها يوم بدر ، و( ( هنالك ) ) إشارة إلى بدر ومصارعهم ، ( ( من الأحزاب ) ) ، أي : من حملة الأحزاب ، أي : هم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الأنبياء بالتكذيب ، فقهروا وأهلكوا .
ثم أنهى هذا الفرض التهكمي بتقرير حقيقتهم الواقعية :
( جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ) . .
إنهم ما يزيدون على أن يكونوا جنداً مهزوماً ملقى( هنالك )بعيدا لا يقرب من تصريف هذا الملك وتدبير تلك الخزائن . ولا شأن له فيما يجري في ملك الله ؛ ولا قدرة له على تغيير إرادة الله ؛ ولا قوة له على اعتراض مشيئة الله . . ( جند ما ) . . جند مجهول منكر هين الشأن ، ( مهزوم ) . . كأن الهزيمة صفة لازمة له ، لاصقة به ، مركبة في كيانه ! ( من الأحزاب ) . . المختلفة الاتجاهات والأهواء !
وما يبلغ أعداء الله ورسوله إلا أن يكونوا في هذا الموضع الذي تصوره ظلال التعبير القرآني ، الموحية بالعجز والضعف والبعد عن دائرة التصريف والتدبير . . مهما تبلغ قوتهم ، ويتطاول بطشهم ، ويتجبروا في الأرض فترة من الزمان .
ثم قال : { جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزَابِ } أي : هؤلاء الجند المكذبون الذين هم في عزة وشقاق سيهزمون ويغلبون ويكبتون كما كبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين وهذه كقوله : { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } وكان ذلك يوم بدر { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ } [ القمر : 44 : 46 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.