معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (21)

قوله تعالى : { يا أيها الناس } . قال ابن عباس : يا أيها الناس خطاب أهل مكة ، ويا أيها الذين آمنوا خطاب أهل المدينة وهو هاهنا عام إلا من حيث إنه لا يدخله الصغار والمجانين .

قوله تعالى : { اعبدوا } . وحدوا . قال ابن عباس : كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها التوحيد .

قوله تعالى : { ربكم الذي خلقكم } . والخلق : اختراع الشيء على غير مثال سبق .

قوله تعالى : { والذين من قبلكم } . أي وخلق الذين من قبلكم .

قوله تعالى : { لعلكم تتقون } . لكي تنجوا من العذاب ، وقيل معناه كونوا على رجاء التقوى بأن تصيروا في ستر ووقاية من عذاب الله ، وحكم الله من ورائكم يفعل ما يشاء كما قال : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) أي ادعوه إلى الحق وكونا على رجاء التذكر ، وحكم الله من ورائه يفعل ما يشاء . قال سيبويه : لعل وعسى حرفا ترج وهما من الله واجب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (21)

1

وعندما يتم استعراض الصور الثلاث يرتد السياق في السورة نداء للناس كافة ، وأمرا للبشرية جمعاء ، أن تختار الصورة الكريمة المستقيمة . الصورة النقية الخالصة . الصورة العاملة النافعة . الصورة المهتدية المفلحة . . صورة المتقين :

( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون . الذي جعل لكم الأرض فراشا ، والسماء بناء ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ، فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) . .

إنه النداء إلى الناس كلهم لعبادة ربهم الذي خلقهم والذين من قبلهم . ربهم الذي تفرد بالخلق ، فوجب أن يتفرد بالعبادة . . وللعبادة هدف لعلهم ينتهون إليه ويحققوه :

( لعلكم تتقون ) . . لعلكم تصيرون إلى تلك الصورة المختارة من صور البشرية . صورة العابدين لله . المتقين لله . الذين أدوا حق الربوبية الخالقة ، فعبدوا الخالق وحده ؛ رب الحاضرين والغابرين ، وخالق الناس أجمعين ، ورازقهم كذلك من الأرض والسماء بلا ند ولا شريك .