تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (21)

الآية 21{[301]} : وقوله تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم ) فالخطاب يحتمل الخصوص والعموم . وقوله : ( اعبدوا ربكم ) وحدوا ربكم ؛ جعل العبادة عبارة عن التوحيد لأن العبادة التي هي لله لا تكون ، ولا تخلص له إلا بالتوحيد . ويقال : اعبدوا : [ أي أطيعوا له ]{[302]} ، أي اجعلوا عبادتكم لله ، لا تعبدوا غيره ؛ في كلا التأويلين يرجع إلى الكفرة . ويقال : اعبدوا : أي أطيعوا له ؛ العبادة جعل العبد كليته لله قولا وعملا وعقدا ، وكذلك التوحيد والإسلام ، والطاعة ترجع إلى الإئتمار لأنه يجوز أن يطاع غير الله ، ولا يجوز أن يعبد غير الله ؛ لأن كل من عمل بأمر آخر فقد أطاعه كقوله : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) [ المائدة : 92 ] ، ولا كل من عمل بأمر آخر فهو عابده له ، وبالله نستعين .

ثم بين الذي أمر بالتوحيد [ إياه ]{[303]} والعبادة{[304]} له خالصا ، فقال : ( الذي خلقكم والذين من قبلكم ) ، [ أي الذي خلقكم وخلق الذين من قبلكم ]{[305]} ، [ والذين تعبدونهم لم يخلقوكم ، ولا خلقوا الذين ]{[306]} من قبلكم . فكيف تعبدونهم دون الذي خلقكم ؟ وبالله التوفيق .

وقوله تعالى : ( لعلكم تتقون ) يحتمل وجهين : يحتمل تتقون المعاصي والمناهي والمحارم التي حرم الله عليكم ؛ فإذا كان هذا ، هو المراد ، فذلك راجع إلى المؤمنين . ويحتمل قوله ( تتقون ) الشرك وعبادة غير الله تعالى : فذلك راجع إلى الكفرة .

قال الشيخ : ( الأحسن{[307]} في الأمر بالتقوى والتوحيد أن يجعل عاما ، وفي الخبر عن التقوى خاصا ) .

[ وقوله ]{[308]} : ( لعلكم تتقون ) أي كي تتقوا{[309]} .


[301]:- انظر الحاشية التاسعة في الصفحة: 21.
[302]:- ساقطة من ط ع.
[303]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل.
[304]:- في ط م: وبالعبادة.
[305]:- من ط ع.
[306]:- والذي تعبدونه لم يخلقكم ولا خلق الذين.
[307]:- من ط ع و ط م، في الأصل: الحسن.
[308]:- ساقطة من النسخ الثلاث.
[309]:- في النسخ الثلاث: تتقون.