الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (21)

قوله : ( يَأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) الآية( {[1105]} ) [ 20 ] .

قال ابن مسعود : " كل شيء في القرآن ، ( يَأَيُّهَا النَّاسُ ) فهو مكي ، وكل شيء في القرآن : ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا ) فهو مدني( {[1106]} ) " . وقاله عروة بن( {[1107]} ) الزبير( {[1108]} ) والضحاك( {[1109]} ) .

قال أبو محمد : وهذا( {[1110]} ) القول إنما هو على الأكثر وليس بعام ، لأن البقرة والنساء مدنيتان وفيهما ( يَأَيُّهَا النَّاسُ ) . وفي كثير من السور المكية ( يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا ) [ البقرة : 103 ] ومعنى الآية يا أيها الناس( {[1111]} ) ، أخلصوا العبادة لربكم الذي( {[1112]} ) خلقكم ، وخلق الذين كانوا من قبلكم( {[1113]} ) ، وإنما خاطب الله الكفار بهذا لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقهم ، دليل ذلك( {[1114]} ) قوله : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )( {[1115]} ) . فقيل لهم : إذا كنتم مقرين بأن الله خالقكم فاعبدوه ، ولا تجعلوا له شركاء ، ومعنى الخلق الاختراع( {[1116]} ) .

وقيل : هو التقدير ، تقول : " خلقت الأديم " إذا دبرته وقدرته( {[1117]} ) .

/والخلق الذي هو الاختراع والابتداع على أربعة أوجه :

- الأول : خلق ما لم يكن كخلق( {[1118]} ) الله العالم من غير شيء( {[1119]} ) .

- والثاني : قلب عين إلى عين ، كقلب الله النطفة علقة والعلقة مضغة ، والمضغة عظاماً/ فالثاني غير الأول( {[1120]} ) .

- والخلق( {[1121]} ) الثالث : تغيير العين وهي موجودة كرد الله الصغير كبيراً ، والأبيض أصفر( {[1122]} ) ، فالعين قائمة والصفة تغيرت .

- والرابع : تغير الحال والعين كما هو : نحو كون القائم قاعداً ، والعاجز قادراً( {[1123]} ) ، فلم تتغير العين ولا الصفة ، إنما تغير الحال .

قوله( {[1124]} ) : ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )[ 20 ] .

أي تتقون ما نهاكم الله عنه .

وقيل : معناه لعلكم تتقون " الذي جعل " . فالذي " في موضع نصب ب( تَتَّقُونَ ) . و " لعل " مردودة إلى المخاطبين . والمعنى اعبدوه واتقوه على رجائكم وطعمكم .

وحكى الزجاج : أن( {[1125]} ) " لعل " بمعنى " كي " في هذا الموضع ، وهو بعيد .


[1105]:- في ع3: أي.
[1106]:- انظر: الدر المنثور 1/84.
[1107]:- في ع2: ابن. وهو خطأ.
[1108]:- هو عروة بن الزبير بن العوام، روى عن أبيه وعن عائشة وروى عنه الزهري (ت93هـ). انظر: طبقات ابن خياط 241، وطبقات القراء 1/511.
[1109]:- انظر: الدر المنثور 1/84.
[1110]:- في ع3: وهو هذا.
[1111]:- قوله: "وفي كثير.. ومعنى يا أيها الناس" تكملة لازمة من ح.
[1112]:- قوله: "الأكثر.. الذي" ساقط من ق، ع2.
[1113]:- في ع2: قبلهم.
[1114]:- في ع3: على ذلك.
[1115]:- الزخرف آية 87.
[1116]:- انظر: مفردات الراغب 158.
[1117]:- انظر: اللسان 1/889، ومفردات الراغب 158، وتفسير القرطبي 1/226.
[1118]:- في ع3: لخلق. وهو تحريف.
[1119]:- انظر: مفردات الراغب 158.
[1120]:- المصدر السابق.
[1121]:- في ع2: والخالق. وهو تحريف.
[1122]:- في ق: أسفر. وهو تحريف.
[1123]:- في ق: قادر. وهو خطأ.
[1124]:- في غير ع1: وقوله.
[1125]:- سقط من ع3.