معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (22)

قوله تعالى : { لو كان فيهما } يعني : في السماء والأرض ، { آلهة إلا الله } يعني : غير الله { لفسدتا } لخربتا وهلك من فيهما بوجود التمانع من الآلهة لأن كل أمر صدر عن اثنين فأكثر لم يجز على النظام ، ثم نزه نفسه فقال : { فسبحان الله رب العرش عما يصفون } أي عما يصفه به المشركون من الشريك والولد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (22)

وهنالك الدليل الكوني المستمد من واقع الوجود : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) . .

فالكون قائم على الناموس الواحد الذي يربط بين أجزائه جميعا ؛ وينسق بين أجزائه جميعا ؛ وبين حركات هذه الأجزاء وحركة المجموع المنظم . . هذا الناموس الواحد من صنع إرادة واحدة لإله واحد . فلو تعددت الذوات لتعددت الإرادات . ولتعددت النواميس تبعا لها - فالإرادة مظهر الذات المريدة . والناموس مظهر الإرادة النافذة - ولانعدمت الوحدة التي تنسق الجهاز الكوني كله ، وتوحد منهجه واتجاهه وسلوكه ؛ ولوقع الاضطراب والفساد تبعا لفقدان التناسق . . هذا التناسق الملحوظ الذي لا ينكره أشد الملحدين لأنه واقع محسوس .

وإن الفطرة السليمة التي تتلقي إيقاع الناموس الواحد للوجود كله ، لتشهد شهادة فطرية بوحدة هذا الناموس ، ووحدة الإرادة التي أوجدته ، ووحدة الخالق المدبر لهذا الكون المنظم المنسق ، الذي لا فساد في تكوينه ، ولا خلل في سيره :

( فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) . .

وهم يصفونه بأن له شركاء . تنزه الله المتعالى المسيطر : ( رب العرش )والعرش رمز الملك والسيطرة والاستعلاء . تنزه عما يقولون والوجود كله بنظامه وسلامته من الخلل والفساد يكذبهم فيما يقولون .