فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (22)

{ لوكان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } إبطال لتعدد الآلهة ؛ وضمير{ فيهما } للسماء والأرض ، والمراد بهما : العالم كله علويه وسفليه . . . {[2124]}اه ؛ قال الكسائي وسيبويه : { إلا } بمعنى غير . . وحكى سيبويه : لو كان معنا رجل إلا زيد لهلكنا ؛ وقال الفراء : { إلا } هنا في موضع : سوى ، والمعنى : لو كان فيها آلهة سوى الله لفسد أهلهما ؛ أي : لو كان فيهما إلهان لفسد التدبير ؛ لأن أحدهما إن أراد شيئا والآخر ضده كان أحدهما عاجزا ؛ - وقد يقال : إن { إلا } في هذه المادة لا يمكن أن تكون للاستثناء ، لأنا لو حملناها على الاستثناء لصار المعنى : لو كان فيهما آلهة ليس معهم الله . . . وهذا يوجب بطريق المفهوم أنه لو كان فيهما آلهة معهم الله لم يحصل الفساد ؛ وللمفسرين في تفسير الآية طريقان : أحدهما –حمل الغائب على الشاهد ، المعنى : لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة غير الواحد الذي الذي هو فاطرهما { لفسدتا } وفيه دلالة على أمرين : الأول وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحدا ؛ والثاني أن لا يكون ذلك الواحد إلا إياه . . . وإنما وجب الأمران لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف ؛ وثانيهما طريق التمانع . . { فسبحان الله رب العرش عما يصفون } من الأنداد والشركاء ؛ فتكون هذه الآية نظيرة قوله : { ضرب ا الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا . . . ){[2125]} ؛ وفيه قول زيد ابن عمرو بن نفيل :

أربا واحدا أم ألف رب *** أدين إذا تقسمت الأمور

تركت اللات والعزى جميعا *** كذلك يفعل الرجل البصير {[2126]}


[2124]:ثم استطرد العلامة الألوسي - رحمه الله ـ وأورد بحثا لغويا تضمن مذاهب النحاة في [لو]، وآخر عن الأقيسة النطقية لإثبات الوحدانية، مبتدئا بدليل التمانع، والبحثان تزيد كلماتها عن الألف كلمة
[2125]:سورة الزمر. من الآية 29.
[2126]:ما بين العارضتين مما أورده النيسابوري.