الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (22)

فإن قلت : ما منعك من الرفع على البدل ؟ قلت : لأنّ «لو » بمنزلة «إن » في أنّ الكلام معه موجب ، والبدل لا يسوّغ إلا في الكلام غير الموجب ، كقوله تعالى : { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امرأتك } [ هود : 81 ] وذلك لأنّ أعمّ العامّ يصح نفيه ولا يصح إيجابه . والمعنى : لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا . وفيه دلالة على أمرين ، أحدهما : وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحداً . والثاني : أن لا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده ، لقوله : { إِلاَّ الله }

فإن قلت : لم وجب الأمران ؟ قلت : لعلمنا أنّ الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف . وعن عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو ابن سعيد الأشدق : كان والله أعزّ عليّ من دم ناظري ، ولكن لا يجتمع فحلان في شول وهذا ظاهر وأمّا طريقة التمانع فللمتكلمين فيها تجاول وطراد ، ولأنّ هذه الأفعال محتاجة إلى تلك الذات المتميزة بتلك الصفات حتى تثبت وتستقرّ .