قوله تعالى : { وإلى مدين أخاهم شعيبا } ، أي : وأرسلنا إلى ولد مدين ، وهو مدين بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ، وهم أصحاب الأيكة : أخاهم شعيباً في النسب لا في الدين ، قال عطاء : هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم ، وقال ابن إسحاق : هو شعيب بن ميكائيل بن يسجر بن مدين بن إبراهيم ، وأم ميكائيل بنت لوط ، وقيل : هو شعيب بن يثرون ابن مدين بن إبراهيم ، وكان شعيب أعمى ، وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه ، وكان قومه أهل كفر وبخس للمكيال والميزان .
قوله تعالى : { قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم } ، فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : { قد جاءتكم بينة من ربكم } ولم تكن لهم آية مذكورة ؟ قيل : قد كانت لهم آية إلا أنها لم تذكر ، وليست كل الآيات مذكورة في القرآن ، وقيل : أراد بالبينة مجيء شعيب .
قوله تعالى : { فأوفوا الكيل } ، أتموا الكيل .
قوله تعالى : { والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم } ، لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوهم إياها .
قوله تعالى : { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } ، أي :ببعث الرسل والأمر بالعدل ، وكل نبي بعث إلى قوم فهو صلاحهم .
{ 85 - 87 ْ } { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ْ } . . . إلى آخر القصة{[318]} .
أي : { و ْ } أرسلنا إلى القبيلة المعروفة بمدين { أَخَاهُمْ ْ } في النسب { شُعَيْبًا ْ } يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له ، ويأمرهم بإيفاء المكيال والميزان ، وأن لا يبخسوا الناس أشياءهم ، وأن لا يعثوا في الأرض مفسدين ، بالإكثار من عمل المعاصي ، ولهذا قال : { وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ْ } فإن ترك المعاصي امتثالا لأمر اللّه وتقربا إليه خير ، وأنفع للعبد من ارتكابها الموجب لسخط الجبار ، وعذاب النار .
قيل في { مدين } إنه اسم بلد وقطر ، وقيل اسم قبيلة ، وقيل هم من ولد «مدين » بن إبراهيم الخليل ، وروي أن لوط عليه السلام هو جد شعيب لأمه ، وقال مكي كان زوج بنت لوط ، ومن رأى { مدين } اسم رجل لم يصرفه لأنه معرفة أعجمي ، ومن رآه اسماً للقبيلة أو الأرض فهو أحرى ألا يصرف ، وقوله : { أخاهم } منصوب بقوله { أرسلنا } [ الأعراف : 59 ] في أول القصص ، وهذا يؤيد أن { لوطاً } [ الأعراف : 80 ] به انتصب ، وأن اللفظ مستمر ، وهذه الأخوة في القرابة ، وقد تقدم القول في { غيره } وغيره ، والبينة إشارة إلى معجزته وإن كنا نحن لم ينص لنا عليها ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «قد جاءتكم آية من ربكم » مكان { بينة } وقوله : { فأوفوا الكيل } أمر لهم بالاستقامة في الإعطاء وهو بالمعنى في الأخذ والإعطاء ، وكانت هذه المعصية قد فشت فيهم في ذلك الزمن وفحشت مع كفرهم الذي نالتهم الرجفة بسببه و { تبخسوا } معناه تظلموا . ومنه قولهم : تحسبها حمقاء وهي باخس أي ظالمة خادعة ، و { أشياءهم } يريد أموالهم وأمتعتهم مما يكال أو يوزن ، وقوله : { ولا تفسدوا } لفظ عام دقيق الفساد وجليله ، وكذلك الإصلاح عام والمفسرون نصوا على أن الإشارة إلى الكفر بالفساد ، وإلى النبوءات والشرائع بالإصلاح ، وقوله : { ذلك خير لكم } أي نافع عند الله مكسب فوزه ورضوانه بشرط الإيمان والتوحيد وإلا فلا ينفع عمل دون إيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.