مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ قَدۡ جَآءَتۡكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (85)

{ وإلى مَدْيَنَ } وأرسلنا إلى مدين وهو اسم قبيلة { أخاهم شُعَيْباً } يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين { قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيّنَةٌ مّن رَّبّكُمْ } أي معجزة وإن لم تذكر في القرآن { فَأَوْفُواْ الكيل والميزان } أتموهما والمراد فأوفوا الكيل ووزن الميزان ، أو يكون الميزان كالميعاد بمعنى المصدر { وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءهُمْ } ولا تنقصوا حقوقهم بتطفيف الكيل ونقصان الوزن ، وكانوا يبخسون الناس كل شيء في مبايعتهم .

«وبخس » يتعدى إلى مفعولين وهما الناس وأشياءهم تقول : بخست زيداً حقه أي نقصته إياه { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الأرض بَعْدَ إصلاحها } بعد الإصلاح فيها أي لا تفسدوا فيها بعدما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء والأولياء . وإضافته كإضافة { بَلْ مَكْرُ اليل والنهار } [ سبأ : 33 ] أي بل مكركم في الليل والنهار { ذلكم } إشارة إلى ما ذكر من الوفاء بالكيل والميزان وترك البخس والإفساد في الأرض { خَيْرٌ لَّكُمْ } في الإنسانية وحسن الأحدوثة { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } مصدقين لي في قولي