الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ قَدۡ جَآءَتۡكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡۖ فَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَاۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (85)

قوله سبحانه : { وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الكيل والميزان وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض بَعْدَ إِصْلاَحِهَا . . . } [ الأعراف :85 ] .

قيل في { مَدْيَنَ } إِنه اسم بلد وقُطْرٍ ، وقيل : اسم قبيلةٍ ، وقيل : هم مِنْ ولد مَدْيَنَ بْنِ إِبراهيمَ الخليلِ ، وهذا بعيدٌ ، ورُوِي أَنَّ لوطاً هو جَدُّ شعيبٍ لأُمِّه .

وقال مكِّيّ : كان زوجَ بنْتِ لُوطٍ ، و{ أَخَاهُمْ } : منصوبٌ ب ( أرسلنا ) في أول القصص ، و«البيِّنة » : إشارة إِلى معجزته ، { وَلاَ تَبْخَسُواْ } معناه ولا تظلموا ، ومنْه قولهم : تَحْسَبُهَا حَمْقَاءَ ، وَهِيَ بَاخِسٌ ، أي : ظالمة خادعة ، وقال في «سورة هود » : البَخْس : النَّقْصَ .

( ت ) : ويحتمل واللَّه أعلم أنَّ البَخْسَ هو ما اعتاده النَّاسُ من ذَمِّ السِّلَع ، ليتوصَّلوا بذلك إلى رُخَصها ، فتأمَّله ، واللَّه أعلم بما أراد سبحانه .

قال أبو حَيانَ : { ولا تَبْخَسُوا } : متعدٍّ إلى مفعولين ، تقول : بَخَسْتُ زَيْداً حَقَّهُ ، أي : نقصته إياه ، انتهى .

و{ أَشْيَاءَهُمْ } : يريد أمتعتهم وأموالهم ، { وَلاَ تُفْسِدُواْ } : لفظٌ عامٌّ في دقيق الفساد وجليله ، وكذلك الإصلاح عامٌّ ، { ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ } ، أيْ : عند اللَّه { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ، أي : بشرط الإِيمان والتوحيد ، وإِلا فلا ينفع عَمَلٌ دون إِيمانٍ .