معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (24)

فقال جل ذكره :{ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار } وجعلها عليه برداً وسلاماً ، { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } يصدقون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (24)

{ 24-25 } { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ }

أي : فما كان مجاوبة قوم إبراهيم إبراهيم حين دعاهم إلى ربه قبول دعوته ، والاهتداء بنصحه ، ورؤية نعمة اللّه عليهم بإرساله إليهم ، وإنما كان مجاوبتهم له شر مجاوبة .

{ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ } أشنع القتلات ، وهم أناس مقتدرون ، لهم السلطان ، فألقوه في النار { فَأَنْجَاهُ اللَّهُ } منها .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فيعلمون صحة ما جاءت به الرسل ، وبِرَّهُمْ ونصحهم ، وبطلان قول من خالفهم وناقضهم ، وأن المعارضين للرسل كأنهم تواصوا وحث بعضهم بعضا على التكذيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (24)

{ فما كان جواب قومه } قوم إبراهيم له . وقرئ بالرفع على أنه الاسم والخبر . { إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه } وكان ذلك قول بعضهم لكن لما قيل فيهم ورضي به الباقون أسند إلى كلهم . { فأنجاه الله من النار } أي فقذفوه في النار فأنجاه الله منها بأن جعلها عليه بردا وسلاما . { إن في ذلك } في إنجائه منها . { لآيات } هي حفظه من أذى النار وإخمادها مع عظمها في زمان يسر وإنشاء روض مكانها . { لقوم يؤمنون } لأنهم المنتفعون بالتفحص عنها والتأمل فيها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (24)

قرأ الجمهور «جوابَ » بالنصب ، وقرأ الحسن «جوابُ » بالرفع ، وكذلك قرأ سالم الأفطس{[9236]} ، وأخبر الله تعالى عنهم أنهم لما بين إبراهيم الحجج وأوضح أمر الدين رجعوا معه إلى الغلبة والقهر والغشم وعدوا عن طريق الاحتجاج حين لم يكن لهم قبل به فتآمروا في قتله أو تحريقه بالنار ، وأنفذوا أمر تحريقه حسبما قد اقتص في غير هذا الموضع ، «وأنجاه الله » تعالى من نارهم بأن جعلها عليه برداً وسلاماً ، قال كعب الأحبار : ولم تحرق النار إلا الحبل الذي أوثقوه به ، وجعل ذلك آية وعبرة ودليلاً وحدانيته لمن شرح صدره ويسره للإيمان أي هذا الصنف ينتفع بالآية والكفار هي عليهم عمى وإن كانت في نفسها آية للكل ، ثم ذكر تعالى أن إبراهيم عليه السلام قررهم على أن اتخاذهم الأوثان والأنصاب إنما كان اتباعاً من بعضهم لبعض وحفظاً لموداتهم ومحباتهم الدنياوية ، وأنهم يوم القيامة يجحد بعضهم بعضاً ويتلاعنون لأن توادهم كان على غير تقوى ، والأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين{[9237]} ، وقرأ عاصم في رواية الأعمش عن أبي بكر عنه «مودةٌ » بالرفع «بينَكم » بالنصب وهي قراءة الحسن وأبي حيوة .

وقرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائي في رواية المفضل «مودةُ » بترك التنوين والرفع «بينِكم » بالخفض ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو في رواية أبي زيد «مودةً بينَكم » بالتنوين والنصب ونصب «بين »{[9238]} ، وقرأ حمزة «مودةَ » بالنصب وترك التنوين والإضافة إلى «بين » ، فأما قراءتا الرفع في «مودة » فوجههما أن يكون «ما » بمعنى الذي .


[9236]:هو سالم بن عجلان الأفطس، الأموي، مولاهم، أبو محمد الحراني، ثقة، رمي بالإرجاء، من السادسة، قتل صبرا سنة اثنتين وثلاثين للهجرة. (تقريب التهذيب).
[9237]:الآية 67 من سورة الزخرف.
[9238]:هناك قراءات أخرى كثيرة لا تخرج عن رفع (مودة) أو نصبها منونة وغير منونة، مع النصب في (بين) أو الخفض.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (24)

لما تمّ الاعتراض الواقع في خلال قصة إبراهيم عاد الكلام إلى بقية القصة بذكر ما أجابه به قومه .

والفاء تفريع على جملة { إذ قال لقومه اعبدوا الله } [ العنكبوت : 16 ] .

وجيء بصيغة حصر الجواب في قولهم { اقتلوه أو حرِّقوه } للدلالة على أنهم لم يترددوا في جوابه وكانت كلمتهم واحدة في تكذيبه وإتلافه وهذا من تصلبهم في كفرهم .

ثم ترددوا في طريق إهلاكه بين القتل بالسيف والإتلاف بالإحراق ثم استقر أمرهم على إحراقه لما دل عليه قوله تعالى { فأنجاه الله من النار } و { جواب قومه } خبر { كان } واسمها { أن قالوا } . وغالب الاستعمال أن يؤخر اسمها إذا كان { أن } المصدرية وصلتها كما تقدم في قوله تعالى { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا } في آخر سورة [ النور : 51 ] ، ولذلك لم يقرأ الاسم الموالي لفعل الكون في أمثالها في غير القراءات الشاذة إلا منصوباً .

وقد أجمل إنجاؤه من النار هنا وهو مفصل في سورة الأنبياء .

والإشارة ب { ذلك } إلى الإنجاء المأخوذ من { فأنجاه الله من النار } وجعل ذلك الإنجاء آيات ولم يجعل آية واحدة لأنه آية لكل من شهده من قومه ولأنه يدل على قدرة الله ، وكرامة رسوله ، وتصديق وعده ، وإهانة عدوه ، وأن المخلوقات كلها جليلها وحقيرها مسخرة لقدرة الله تعالى .

وجيء بلفظ { قوم يؤمنون } ليدل على أن إيمانهم متمكن منهم ومن مقومات قوميتهم كما تقدم في قوله { لآيات لقوم يعقلون } في سورة [ البقرة : 164 ] . فذلك آيات على عظيم عناية الله تعالى برسله فصدَّق أهل الإيمان في مختلف العصور . ففي قوله { لقوم يؤمنون } تعريض بأن تلك الآيات لم يصدق بها قوم إبراهيم لشدة مكابرتهم وكون الإيمان لا يخالط عقولهم .