معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

قوله تعالى : { ربنا إننا سمعنا منادياً } . يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم وأكثر الناس ، وقال القرظي : يعني القرآن ، فليس كل واحد يلقى النبي صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى : { ينادي للإيمان } . إلى الأيمان .

قوله تعالى : { أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار } . أي في جملة الأبرار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

{ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان } وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، أي : يدعو الناس إليه ، ويرغبهم فيه ، في أصوله وفروعه .

{ فآمنا } أي : أجبناه مبادرة ، وسارعنا إليه ، وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم ، وتبجح بنعمته ، وتوسل إليه بذلك ، أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم ، لأن الحسنات يذهبن السيئات ، والذي من عليهم بالإيمان ، سيمن عليهم بالأمان التام .

{ وتوفنا مع الأبرار } يتضمن هذا الدعاء التوفيق لفعل الخير ، وترك الشر ، الذي به يكون العبد من الأبرار ، والاستمرار عليه ، والثبات إلى الممات .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

{ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان } أوقع الفعل على المسمع وحذف المسموع لدلالة وصفه عليه ، وفيه مبالغة ليست في إيقاعه على نفس المسموع وفي تنكير المنادي وإطلاقه ثم تقييده تعظيم لشأنه ، والمراد به الرسول عليه الصلاة والسلام وقيل القرآن ، والنداء والدعاء ونحوهما يعدى بإلى واللام لتضمنها معنى الانتهاء والاختصاص . { أن آمنوا بربكم فآمنا } أي بأن آمنوا فامتثلنا . { ربنا فاغفر لنا ذنوبنا } كبائرنا فإنها ذات تبعة . { وكفر عنا سيئاتنا } صغائرنا فإنها مستقبحة ، ولكن مكفرة عن مجتنب الكبائر . { وتوفنا مع الأبرار } مخصوصين بصحبتهم معدودين في زمرتهم ، وفيه تنبيه على أنهم محبون لقاء الله ، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه . والأبرار جمع بر أو بار كأرباب وأصحاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

هذه الآيات حكاية عن أولي الألباب أنهم يقولون : { ربنا } قال أبو الدرداء : يرحم الله المؤمنين ما زالوا يقولون : «ربنا ربنا » حتى استجيب لهم{[3797]} ، واختلف المتأولون في المنادي ، فقال ابن جريج وابن زيد وغيرهما : المنادي محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال محمد بن كعب القرظي : المنادي كتاب الله وليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه ، ولما كانت { ينادي } بمنزلة يدعو ، حسن وصولها باللام بمعنى «إلى الإيمان » ، وقوله : { أن آمنوا } «أن » مفسرة لا موضع لها من الإعراب ، وغفران الذنوب وتكفير السيئات أمر قريب بعضه من بعض ، لكنه كرر للتأكيد ولأنها مناح من الستر ، وإزالة حكم الذنب بعد حصوله ، و { الأبرار } جمع بر ، أصله برر على وزن فعل ، أدغمت الراء في الراء ، وقيل : هو جمع بار كصاحب وأصحاب ، والمعنى : توفنا معهم في كل أحكامهم وأفعالهم .


[3797]:- الفعل (سمع) إن دخل على مسموع تعدى لواحد، نحو: سمعت كلام زيد، وإن دخل على ذات وجاء بعدها فعل أو اسم في معناها نحو: سمعت زيدا يتكلم، وسمعت زيدا يقول كذا ففي هذه المسألة خلاف-ذهب بعضهم إلى أنه إذا كان قبل الفعل نكرة كان صفة لها نحو [سمعنا مناديا ينادي للإيمان]، وإن كان ما قبله معرفة كان الفعل حالا- وذهب بعضهم إلى أن الفعل أو الاسم في موضع المفعول الثاني لسمع-وجعل (سمع) مما يتعدى إلى مفعول واحد إن دخل على مسموع، ويتعدى إلى اثنين إن دخل على ذات- وهذا هو مذهب الفارسي.