السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَـَٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ} (193)

{ ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي } أي : يدعو الناس { للإيمان } أي : إليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم أو القرآن العظيم { أن } أي : بأن { آمنوا بربكم فآمنا } به .

فإن قيل : أي فائدة في الجمع بين منادياً وينادي ؟ أجيب : بأنه ذكر المبدأ مطلقاً ثم مقيداً بالإيمان تفخيماً لشأن المنادي ؛ لأنه لا منادي أعظم من مناد ينادي للإيمان ونحوه قولك : مررت بهاد يهدي للإسلام وذلك أنّ المنادي إذا أطلق ذهب الوهم إلى مناد للحرب أو لإغاثة المكروب أو نحو ذلك وكذا الهادي قد يطلق على من يهدي للطريق ويهدي لسداد الرأي وغير ذلك ، فإذا قلت : ينادي للإيمان ويهدي للإسلام فقد رفعت من شأن المنادي والهادي وفخمته ويقال : دعاه لكذا وإلى كذا { ربنا فاغفر لنا ذنوبنا } أي : الكبائر منها { وكفر عنا سيآتنا } أي : الصغائر منها أو يكون ذلك من باب التعميم والاستيعاب كقوله : { الرحمن الرحيم } ولأنّ الإلحاح والمبالغة في الدعاء أمر مطلوب { وتوفنا مع الأبرار } أي : مخصوصين بصحبتهم معدودين في جملتهم وهم الأنبياء والصالحون وفيه تنبيه على إنهم يحبون لقاء الله تعالى ( ومن أحب لقاء الله تعالى أحب الله لقاءه ) ، رواه الشيخان .